الخميس، 24 مارس 2011

اكثر المخلوقات اقامة لشرع الله


معلومة عن الغراب تقشعر لها الأبدان

ورد ذكر الغراب في القران الكريم بسورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأقْتُلَنَّكَ
قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ /27
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ /28
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثـْمِي وَإِثـْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ /29
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَه
فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ /30
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ
قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ /31
صدق الله العظيم
دور الغراب في هذه القصة
هو تعليم الإنسان كيف يدفن موتاه
فلماذا أختاره الله سبحانه وتعالى من دون المخلوقات ليكون المعلم الأول للأنسان ؟؟
أثبتت الدراسات العلمية أن الغراب هو أذكى الطيور وأمكرها على الإطلاق ، ويعلل ذلك بأن الغراب يملك أكبر حجم لنصفي دماغ بالنسبة إلى حجم الجسم في كل الطيور المعروفة
ومن بين المعلومات التي أثبتتها دراسات سلوك عالم الحيوان محاكم الغربان وفيها تحاكم الجماعة أي فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها ولكل جريمة عند جماعة الغربان
عقوبتها الخاصة بها
******
جريمة اغتصاب طعام الأفراخ الصغار
العقوبة تقضي بأن تقوم جماعة من الغربان
بنتف ريش الغراب المعتدي حتى يصبح عاجز
عن الطيران كالأفراخ الصغيرة قبل اكتمال نموها
******
وجريمة اغتصاب العش أو هدمه
تكتفي محكمة الغربان بإلزام المعتدي ببناء عش
جديد لصاحب العش المعتدى عليه
أما جريمة الاعتداء على أنثى غراب أخر
فهي تقضي جماعة الغربان
بقتل المعتدي ضربا بمناقيرها حتى الموت
وتنعقد المحكمة عادة في حقل من الحقول الزراعية أو في أرض واسعة ، تتجمع فيه هيئة المحكمة في الوقت المحدد ، ويجلب الغراب المتهم تحت حراسة مشددة ، وتبدأ محاكمته
فينكس رأسه ويخفض جناحيه
ويمسك عن النعيق اعترافا بذنبه
فإذا صدر الحكم بالإعدام ، قفزت جماعة من الغربان على المذنب توسعه تمزيقا بمناقيرها الحادة حتى يموت ، وحينئذ يحمله أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبرا يتوائم مع حجم جسده
يضع فيه جسد الغراب القتيل
ثم يهيل عليه التراب احتراما لحرمة الموت
وهكذا تقيم الغربان العدل الإلهي في الأرض
أفضل مما يقيمه كثير من بني أدم
فيا سبحان الله سبحان الله سبحان الله
المصدر
من آيات الأعجاز العلمي
الحيوانات في القران الكريم للدكتور زغلول النجار

الأربعاء، 16 مارس 2011

الحل هو الإسلام

إذا قلنا : إن الإسلام هو الحل ، فالحديث إذن عن مشكلات نبغي لها حلولاً ، لكن إذا تأملنا القرآن وتدبرناه لا نجد فيه حلولاً لمشكلات الإسكان أو المرور ، أو البطالة ،
لكن نجد. ومثال ذلك أن القرآن الكريم قرر الكرامة الإنسانية فقال تعالى : "ولقد كرمنا بني آدم" فهذا إطار عام نحن مكلفون بتحقيقه ، ومن مظاهر الكرامة الإنسانية أن يحيى الإنسان في مسكن مناسب ، وأن يجد ضروريات حياته من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم ، فالإطار العام هو تحقيق مجتمع الكفاية والأمن ، فإذا وجدنا في المجتمع أناسًا يسكنون المقابر ، وجب علينا أن نبحث عن حل نقضي به على هذه المشكلة ، والقرآن الكريم ليس به هذا الحل ، فإذا وفقنا للحل ، نكون قد التزمنا الإطار العام الذي أمر به القرآن وهو الكرامة الإنسانية ، وتكون المنافسة بين السياسيين في هذا المجال بالبحث عن مقترحات وبرامج لحل المشكلة السكانية ، دون إضافة صفة الإسلامية على هذه المقترحات والحلول التي يمكن أن تنجح ويمكن أن تفشل . إن الإسلام أكبر وأجل من أن يطرح في السوق السياسي للتنافس عليه ، والدستور المصري جعل الإسلام إطارًا عامًا للدولة ، ولا يوجد في مصر حزب يطرح حلولا لمشكلات الواقع تتناقض مع جوهر الإسلام وحقائقه الكلية . إننا إذا وضعنا شعار الإسلام هو الحل على المحك الإسلامي والعقلي والواقعي لوجدناه شعارًا لا معنى له في الحقيقة ، ويصبح التمسك به من باب العناد السياسي أو إرضاء الجماهير بأي ثمن . وهنا نقطة هامة تجدر الإشارة إليها ، ألا وهي كيف يفهم حملة هذا الشعار شعارهم ؟ ، إن المدافعين عن هذا الشعار لا يفهمونه فهمًا واحدًا ، بل يوجد بينهم فهمان رئيسيان : الفريق الأول يظن أن الإسلام فعلا به حلول لكل مشكلات الدنيا ، فالمشكلة الاقتصادية مثلا حلها في الزكاة ، والقضاء على الربا ، ومشكلة المواصلات حلها في حديث مسلم : ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له . الفريق الثاني يفهم الشعار على أنه التمسك بالدين كقيم إيمانية ، وعبادات وشعائر كصلاة الجماعة والتراويح ، والإكثار من تلاوة القرآن ، وحل المشكلة الاقتصادية عند هؤلاء يكمن في قوله تعالى "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" ، هكذا بهذا الاختذال وينسى أن الصحابة وهم أفضل المسلمين ، أصابتهم المجاعة في عهد الخلافة العمرية الراشدة ، وتعرضوا للقحط وجاعوا ولم يكن للعبادات دور في حل هذه المشكلة. إذن عند مواجهة مشكلات الواقع ، نبحث عن الحل عند المختصين من العلماء ، أو في برامج الأحزاب ، أو ربما أستوردنا الحل من الخارج ، فإذا نجح الحل في إزالة المشكلة نكون قد وافقنا الإطار العام ونكون قد اتسقنا مع الفطرة الإنسانية . وهنا لا يجوز لأحد أن يصف مقترحاته لحل مشكلات الواقع بأنها الإسلام ، أو أن يضفي عليها قداسة دينية ، خصوصاً إذا كانت هذه المقترحات لم تطبق في الواقع ، وإذا طبقت فقد تنجح وقد تفشل . إذا نجح الحل الذي أبدعناه أو استوردناه ، أو وجدناه في برامج حزبية ،
أو دراسات جامعية ، نكون قد حققنا مراد الإسلام في الكرامة الإنسانية وفي العيش الهنيئ ، هنا يصبح الحل هو الإسلام ولا يكون الإسلام هو الحل ، وهذا منهج فيه من الوضوح والشفافية ما يرضي كل ذي لُب. إن شعار الإسلام هو الحل ليس فقط شعارًا ضبابيًا غامضًا ، بل إنه كلمة لا معنى لها ، ولم يستطع أحد أن يشرحه شرحًا مقنعًا يخاطب فيه العقول دون أن يدغدغ مشاعر الجماهير المتدينة . جاء في كتاب العقد الفريد أن أحد الكرماء المشهورين بالسخاء وكثرة الإنفاق ، عاتبه بعض جلسائه قائلا : لا خير في السرف ، فأجابه الكريم من فوره قائلا : لا سرف في الخير ، فقلب اللفظ واستوفى المعنى ، وحينما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : أنتم أعلم بأمور دنياكم لا يكون الإسلام هو الحل ، بل يكون الحل هو الإسلام

الأحد، 13 مارس 2011

الثائر الحق



''شباب مات لتحيا أمته.. وقبر لتنشر رايته.. وقدم روحه للحتف والمكان قربانا لحريته ونهر الاستقلال''.. تلك كانت أبيات شعرية ألقائها إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، وهو طالباً جامعياً، في حفل تأين ضحايا حادثة كوبري عباس الشهيرة.
هذه الأيام وبعد أكثر من 12 عاماً من رحيل الشيخ الجليل، يتداول على الشبكة العنكبوتية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تويتر وفيسبوك ويوتيوب، وعديد من القنوات الفضائية، مقطع فيديو لإمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله)، يتحدث فيه عن الثورة والثوار علن الفساد، وهو يفسر إحدى آيات القرآن الكريم.
الفيديو جاء تحت عنوان ''الثائر الحق للشيخ الشعراوي''، ويحمل تفسيراً للإمام للثورة وأسبابها، موضحاً أن كل رسول من رسل الله وأنبياءه يأتي على فساد ينتفع به ناس، ويُلحق الضرر بأخرين.
وأوضح الشعراوي أن المدنيين قد يثوروا من أجل إنهاء ما يرونه فساداً، ولابد ان يكون فساداً ملحوظاً، مشيراً إلى أن ''الثائر الآفة هو من يظل ثائرا، وأن الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد''.
والثائر هو من يأتي لأن يرد مظالم الناس، وأنه لا يجيء ضد طائفة، إنما يجئ ضد ظلم طائفة، وأنه يأتي ليأخذ من الظالم ويعطي للمظلوم ثم يجعلهما أمام عينه''. وفقاً لتفسير الشيخ الجليل لبعض آيات من الذكر الحكيم.

الأربعاء، 9 مارس 2011

الأحد، 6 مارس 2011

الاستبداد والأصولية: الغرب ومتغيرات العرب..رضوان السيد..الاتحاد الإماراتية


ما قال أحدٌ إنّ تَزَعْزُعَ الاستبداد وأنظمته في أقطار الوطن العربي، سوف يُنهي الأُصولية أو ثقافة الهوية وممارساتها المتشدّدة. لكنّ المراقبين الأجانب الذين أصرُّوا لأكثر من شهرٍ بعد اندلاع الانتفاضتين بتونس ومصر، على أنّ الأصوليين الإسلاميين هم القائمون بهذه التحركات الشعبية أو المستفيدون منها، عادوا لينعوا على "المتفائلين" من العرب والمسلمين، تسرُّعهم في اعتبار التغيير حاصلاً، ومبالغتهم في تقدير "مدنية" الشبان الثائرين، وضخامة نجاحاتهم. وهم عندما ينصحون بالتواضُع والتريُّث يذكرون الصعوبات المحيطة بالحالتين التي تجري الآن في ليبيا واليمن
.
لقد أنفقْنا نحن المراقبين العرب حوالي العقدين، في جدالٍ مع الباحثين الاستراتيجيين الغربيين بشأن البراديغم الذي افترضوه لاستثنائية الإسلام واستثنائية العرب والاستعصاء السائد في دينهم وثقافتهم ووعيهم على الديمقراطية وعلى التنوير وعلى التقدم. وما بلغ بنا التجاهل والإنكار إلى حدود الذهاب إلى أنّ الظاهرة الأُصولية تسبَّب بها الغربيون أو تسبّبت بها الأنظمة الاستبدادية. وإنما الذي كنا وما نزال نذهب إليه أنّ "الظاهرة" واحدةٌ، وإن تكن متعدّدة الأوجُه. فالوعي المتشدّد والرافض، والاستبداد الأمني المستشري، والثُنائيات المتضادّة المنتشرة في أوساط الشباب، والتعامُلات الدولية مع منطقتنا وشعوبنا؛ كلُّ ذلك وجوهٌ متعددةٌ لظاهرةٍ واحدةٍ، هي ظاهرةُ التأزُّم في الفكر والسلوك والممارسة. وقد قلتُ لهنتنغتون في نقاش بهارفرد وآخر بالرياض (في مهرجان الجنادرية) إنّ نجاحاً واحداً بارزاً في قضيةٍ معيَّنةٍ دالّة بالنسبة للعرب في فلسطين أو في مصر أو في سوريا، كفيلٌ بأن يُدخل على مخاض التأزم العنيف، والمستمر لعدة عقود، عناصر إيجابية تؤثّر في الوعي وتؤدي إلى مُراجعة الحسابات لدى أوساطٍ واسعةٍ من شبابنا. وقد كان الخطِر والخطير أنّ البراديغم الغربي أو الفكرة المتجذرة بشأن عقليتنا وإنسانيتنا (أو لا إنسانيتنا!) سرعان ما تحوَّلَ منذ ثمانينيات القرن الماضي، إلى سياساتٍ لدى الأميركيين ولدى الأوروبيين والروس والصينيين والهنود، تجلّتْ باتجاهين: اتجاه فرض الهيمنة بالحرب أو بما يفوقُها فظاعةً لحفظ المصالح، ولتنجية العالم من شرّنا، واتّجاه إعانة المستبدّين على الاستمرار في السطوة والطغيان إن تعاونوا معهم، لأنّ الأسوأ سوف يحدث لا محالة إنْ زال هؤلاء، بسيطرة الأصولية الإرهابية في البلدان التي تغيبُ عنها أنظمةُ المستبدين! في الاتجاه الأول أعطونا درساً نموذجياً بما فعَلوهُ مع صدّام حسين ومع العراق، أو لنقل إنهم أعطَوا المستبدّين الآخَرين أيضاً ذاك الدرْس. وفي الاتجاه الثاني حدث التلاؤم والتعاوُنُ بينهم وبين حُكّامنا العسكريين في سائر النواحي لمصارعة "القاعدة" والإرهاب، وحبس الإسلاميين الذين يمكن أن يتحولوا إلى إرهابيين عنيفين، في قماقم المعتقلات وممارسات الملاحقة والاضطهاد. أمّا في ديارهم هُمْ فقد اصطنعوا قوانين لا أول لها ولا آخِر من تحريم الحجاب على الفتيات واللحى على الشبان، إلى مِنْع بناء المآذن حتّى لا تُشوِّه منظر المُدُن والدساكر. وكُلُّ ذلك وهُمْ يجترحون وُجوه تعاوُنٍ ومودّة مع القذافي وبن علي وعسكريي الجزائر و"إسلاميي" السودان: "لتجفيف منابع الهجرة إلى بلدانهم العامرة" من جانب أولئك البؤساء الذين يحاولون التملُّص مما هم فيه لدى المتحضّرين من حكّامهم الذين يحبون الغرب والغربيين، ويمنُّون على الغرب وعلينا بإجراءات التحضير والتمدين والتقدم والتي لا تستوي بدونهم!
وخيَّبَ هؤلاء الشبان الأشاوسُ يقين السادة الغربيين والشرقيين، كما فاجأوا حكّامهم الخبراءَ بهم منذ عقودٍ وعقود. لقد اتجهوا بأعدادٍ هائلةٍ إلى الشارع ليغيّروا سِلْماً، حياتَهم وحياة بلدانهم، وبالقيم ذاتها التي كان الغربيون وكان الحكّام لا يتوقّعون أن تكونَ موجودةً في أخلادهم وعزائمهم. وفي البداية، رفض الحكّام، وهذا طبيعي، لكنْ رفض الغربيون أيضاً ما شاهدوه على شاشات الفضائيات. وقالوا كما قال المتسلِّطون إنّ هذا السِلْم المُشْرق في الميادين المقفرة من قبل حيلةٌ من حِيَل الإسلاميين للاستيلاء على السلطة. وعندما تمادت تلك الظاهرةُ الهائلةُ والتي نسبتْها وسائلُ الإعلام الرسمية في مصر وتونس إلى "الإخوان"، وينسبها القذافي إلى "القاعدة"، وعلي عبدالله صالح إلى إسرائيل وأميركا... راحوا ينصحون الحكام بالتغيير، وينصحوننا نحن الذين رحّبنا بحيوية الشباب ومسؤوليتهم، بالتريُّث وانتظار النتائج وما تؤول إليه الأُمور.
إنّ الذي حصل ويحصل ما كان انفجاراً ولا تمرداً يائساً، كما توقع الكثيرون؛ بل بابٌ واسعٌ وشاسعٌ انفتح بالأمل على المستقبل. والغربيون الذين ألِفوا الاستعمارين القديم والجديد، وردات الفعل عليهما، لا يسرُّهم ذلك بل يُحيِّرهُم، لأنّ خبراءهم واستراتيجييهم لا يعرفونه ولم يتوقّعوه. لستُ أزعم أني توقعتُهُ بهذا الحجم والاتّساع. لكني كنتُ على يقين بأنّ شباننا، المتدينين وغير المتدينين، لا يختلفون عن سائر البشر في حبّهم للحرية وتَوقهم إلى الحصول عليها وممارستها. كما لا أزعُمُ أنّ هذا الباب الذي انفتح على مصراعيه سوف يُنهي ظواهر التشدُّد والانكماش. بيد أنّ عناصر جديدةً دخلت على الموقف، وتتمثل في الإقدار والتمكين الذي يحصُلُ الآن، والذي يجعلُ من "سيد قطب" و"بن لادن" أثراً من الماضي، تضاءلت أسبابُهُ أو هي في طريقها للزوال. فالذي يستطيع المشاركة في العملية السياسية الجديدة بالوسائل السلمية، لماذا يلجأ للقوة. أمّا الذين يرفضون التعلُّم؛ فإنّ زملاءهم العاملين والمشاركين هم من سيعزلهم ويضطرهم للانكفاء؛ إن لم يكن ذلك قد حصل بالفعل. ثم إني أزعُمُ أخيراً أنّ عمليات "بناء الدول" والتي هدَّمها حكّامُنا على مدى أربعة عقودٍ وأكثر، لا تتمُّ خلال سنةٍ أو سنتين، بيد أنها بدأت ولن تتوقّف، فهذه هي طبيعةُ الأمور. ولا شكّ أنّ تلك العمليات بتونس ومصر، ستكون أسهل منها بالعراق واليمن وليبيا والجزائر والسودان، لأنّ درجات التخريب بهذه البلدان أكبر وأفظع. لكنّ النضال الذي يجري الآن، يُسرّع تآلف واندماج العناصر والفئات التي ما كانت تستطيع التقارُب من قبل.
والذي أراه أنّ الصعوبات الأكبر والأفظع أمام العمليات الديمقراطية والوحدوية الجارية، سوف تأتي من الخارج الأميركي والأوروبي والصيني والهندي.. إلخ. فقد بنى هذا الخارج العالمي، في العقود الماضية، أسواراً ثقافيةً واستراتيجيةً عاليةً بيننا وبينه. وهي أسوارٌ قائمةٌ على مصالح، تعوَّدَ ذلك الخارجُ على قضائها مع كلّ مستبدٍ على حدَةٍ وبمنتهى السهولة، وبالعنف أو بالتواطؤ. ثم إنّ هناك "ثقافةً" غربية كاملة نشأت حول الإسلام والعرب خلال العقود الماضية أيضاً، وسيحتاج الغربيون إلى عقودٍ لتجاوُزها، هذا إذا عملوا عليها بجديةٍ لا أجدُها متوافرةً لدى اليمين الأوروبي الحاكم الآن. فقد نعى كلٌّ من ساركوزي وميركل وكاميرون في الشهور الماضية ما أَسموهُ تجربة التعددية الثقافية. وهم يقصدون أنّ العيش مع المسلمين (حوالَي الثلاثين مليوناً بأوروبا) صعبٌ إن لم يكن مستحيلاً! لقد قال لهم أردوغان قبل أيام: أيها الأوروبيون، أنتم ترفضَون الاندماج، وترفضون التعددية، فلا أقلّ من أن تُعاملونا معاملة الأقليات الإثنية، والتي حقوقها أكبر من الحقوق التي تعرضونها علينا بمقتضى المواطنة

الثلاثاء، 1 مارس 2011

عمرو هاشم ربيع: الاحزاب على أسس دينية مقبولة ولكن بشرطين


بعد الزلزال الهائل الذي أصاب الحياة المصرية مخلفاً وراءه العديد من الضحايا من رموز الحزب الوطني ومنشئاً لأوضاع جديدة لأقصى مدى لم يعهدها المصريون من قبل، في وسط كل هذه النشوة بقيت أسئلة كثيرة معلقة عن المستقبل
. فقد اهتم العديد من المصريين بالنظر الى أنقاض الزلزال وكيف صارت البنيات الهائلة سابقا حطاما تذروه رياح الملاحقات القضائية بتهم الفساد. لكن على جانب آخر اهتم أكثر المصريين وبخاصة المثقفين بسؤال واحد هو ماذا بعد؟
فماذا بعد؟ سؤال ينطوي على الكثير من الأسئلة المتعلقة بشتى مناحي الحياة المصرية وهو أيضاً سؤال وضعناه بين يدي واحد من أهم المتخصصين في الحياة البرلمانية والحزبية الدكتور عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي كان في أقصى درجات الإنشغال لمتابعة الأحداث الجارية وتوثيقها والتعليق عليها مما اضطرنا إلى تغيير الموعد عدة مرات الى أن تم الحوار في وسط كل مشاغله وذلك لأهمية رؤية متخصص في حجم هاشم وقد كان تركيزنا على الوضع الآن وغدا ..فهما الأهم في الفترة الحالية وإلى نص الحوار :من الواقع
كيف تقيم خطوات المجلس الأعلى للقوات المسلحة فالبعض يشتكي من تباطىء في أداءه؟
في البداية كان المجلس متباطيء بعض الشيء، أما الآن فقد اسُتدرك هذا التباطىء وصار متفاعلا مع الأحداث بقرارات حاسمة، كحل البرلمان، ووقف العمل بالدستور، وانشاء لجنة لتعديل هذا الدستور .
هل مصر مقبله على تغير حقيقي نحو الديمقراطية أم سيكون تغيير في شخص الرئيس فقط ؟ اتوقع أننا في اتجاه ديمقراطية حقيقية، واتمنى ألا يكون تغيير فقط في شخص الرئيس وأن يكون في المنظومة السياسية كلها .
وما الذي يمكن أن يمنع التغيير الشامل ؟
بلا شك لن يتغير شيء لو أن الجيش رشح أحداً ودعَّمه.

إذن هل أنت مطمئن للمرحلة القادمة ؟
حتى الآن نعم ، لكن هناك أشياء ناقصة لابد أن تتم ليزداد الاطمئنان .
مثل؟
مثل وضع جدول زمني يتضمن انهاء حالة الطواريء ويعرفنا متى وكيف ستكون انتخابات الرئاسة .
بماذا تنصح المجلس العسكري الآن؟
أتمنى أن ينظر باهتمام أكبر لطلبات الشباب، وألا يتعجل في ترك السلطة فمدة ستة أشهر قليلة جدا لتغيير الدستور ووضع قوانين انتخاب جديدة، فهو في نص قراره كلف لجنة تعديل الدستور "بتعديل بعض المواد وما يزيد عنها وما يرتبط بها من إصلاحات قانونية" وهذا عمل كبير جداً، سيضطر اللجنة لتغيير قوانين الانتخاب والأحزاب، وقد حدد ذلك بعشرة أيام، وهذا يعني أن على اللجنة عمل شغل "أكروباتي" لإنهاء عملها .
هل ترضى على اللجنة المشكلة لتعديل الدستور ؟
طبعا..... فكلهم أناس محترمون ولا غبار عليهم، ولكن أرى أنه كان ينقص اللجنة عنصر مسيحي فلو وجد لكان ذلك أفضل .
ألا ينقص اللجنة عضوا من منظمات حقوق الانسان؟
لا...لا وجود أحد من المنظمات الحقوقية سيكون تعطيل لعمل اللجنة أكثر منه إضافة أو تسيير للعمل.

الى المستقبل
تعددت اتهامات النظام للمصريين بأنهم غير مؤهلين للديمقراطية فما رأيك؟
هذا كلام فارغ هو احنا اتخلقنا ومكتوب على جباهنا طواريء وتعذيب.
كيف ستنشأ الديمقراطية اذا كان أحد أركانها الأساسية ميتا وهو الأحزاب ؟
لا شك أن الفترة القادمة هي فترة المستقلين .
ومستقبل الأحزاب القائمة كيف تراه؟
اذا لم يعدلوا من توجهاتهم وأفكارهم هينداسوا، فأحزاب مثل التجمع والوفد لازم ينداسوا، فقد أثبتوا في بداية الأزمة وخلالها أنهم في حالة غيبوبة، فقد نفضوا أيديهم من الثورة قبل أن تبدأ فقال التجمع في 17 و18 يناير أنه لن يشترك في مظاهرات الخامس والعشرين، وعندما صارت المظاهرات واقعا قويا ركبوا الموجة، فخرج علينا السيد البدوي في مؤتمر صحفي وقال: أن كل مطالبنا فصل الرئاسة عن الدولة، ولم يكلف نفسه حتى بنزول الشارع بل نزل مصطفى شردي.
لماذا في رأيك لم ينزل إلى الشارع؟
هو رجل أعمال ومرتبط بالسلطة وليس بالدولة، وأكيد خايف من المشاكل.
وما السبيل لهذه الأحزاب ؟
لابد أن يسعفوا أنفسهم ويصلحوا من أحزابهم من الداخل وإلا سينتهي دورهم .
وكيف تكون هذه الإسعافات السياسية ؟
التخلص من رفعت السعيد والسيد البدوي أول وأهم شيء، فقد ثبت للجميع وجود صفقات للتجمع مع النظام السابق منذ عام تسعين حتى الآن، كانت في مشاركاتهم في البرلمان مهزوزة جداً وضعيفة ولوقف تيار الإخوان، وهكذا كان حال الوفد الى حد كبير فقد كان يماليء النظام في الكثير من القرارات .
هل يمكن أن نرى تحالفات سياسية في الفترة القادمة بين أحزاب الذكريات القديمة هذه ؟
ليست تحالفات ولكن نوع من التحالفات، أما تحديدها فصعب لأن الرؤيا غير واضحة تماما
ولماذا ليست تحالفات كاملة؟
لان أمراضهم ستبقى لفترة طويلة كالتباعد والتناحر وغيرها من الأمراض.

هل ستشهد مصر نموذجا ديمقراطيا خاصا بها أم نقلا كربونيا لتجارب غربية؟
لا.... المصريون ليسوا في حاجة للنقل عن أحد لكن لا يمنع الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين فعلى الإخوان مثلا أن يستفادوا بشدة من التجربة التركية
كيف نخرج المواطن المصري من مجرد التعليق على القضايا السياسية الى الممارسة الحقيقية ؟
هذا أمر يتوقف على التربية السياسية الصحيحة من الصغر فوسائل التنشئة السياسية هي التي تلعب هذا الدور سواء في الأسرة أو مناهج التعليم ووسائلة أوالجامعات أوالمساجد أوالكنائس أو أحزاب سياسية أو نقابات مهنية فكل هذه الأشياء تجند الفرد تجنيدا سياسيا سليما حتى يستطيع الانغماس في تيار من التيارات السياسية الشرعية القائمة
في مصر أربع قوى سياسية رئيسية اليمين واليسار والليبراليون والقوميون هل نحن على اعتاب ظهور قوى خامسة للشباب؟
أكيد
وكيف سيكون شكلها؟
والله لا أفضل أن يتحول شباب الثورة الى حزب سياسي لأن ذلك سيصيبهم بأمراض الأحزاب المعتادة . وإذا لم يصيروا حزبا فهذا سيتوقف على شكل القوى السياسية التي ستكون موجودة، وكيف سيكون النظام الانتخابي الجديد وهل سيركز على القوائم المفتوحة أم ماذا.
هل ترى أن ينضموا للأحزاب القديمة؟
لا ... اتمنى ألا ينضموا للأحزاب القديمة إلا بعض الأحزاب التي أثبتت جديتها في الأيام الماضية كحزب الجبهة.
ستشهد الفترة القادمة أحزاب كثيرة فهل هذا مفيد للحياة السياسية المصرية؟
طبعا بشرط أن تكون احزاب شرعية حقيقة ويتوافق فيها شرطين أساسين ألا يكون لها ظهير ملشياتي وألا يدعوا أحدها لفتن طائفية، وسيكون الحكم على كل حزب بصناديق الانتخاب .
نريد أن نعرف من خبير حزبي وبرلماني مثلك مواصفات الحزب الناجح؟
المواصفات كثيرة منها أن يكون لديه مصدر تمويل بالإضافة إلى تمويل الدولة وليس النظام الحاكم، فلابد من تمويل مستقل لأن الدولة عاجزة عن تمويل كل الأحزاب ، لذا لابد أن يكون له مشاريع بجوار التبرعات والاشتراكات الداخلية. ثانيا: يكون له تنظيمات منتشرة في ربوع الجمهورية وتنعقد بشكل دوري ومستمر .ثالثا: أن يكون الحزب حرا في اتخاذ قراراته وأن تكون بشكل ديمقراطي وأن تنتخب قيادته بشكل ديمقراطي، وعدم تولي القيادة أكثر من مرتين في هيكله السياسي.أي أن كل ما ينادون به السلطة يصبح أمراً واقعا حقيقيا عندهم، أيضا ميزانية واضحة ومنشورة والفصل بين إدارة الحزب اليومية والجمعية العمومية .
كيف ترى المستقبل السياسي للإسلاميين ؟
لابد أن يعدلوا من أنفسهم فمسألة المرأة لابد أن يحلوها، ومسألة الأقباط ،وكذلك الفقهاء الذين يدخلون المجلس التشريعي ويتحدثون عن تحليل وتحريم لتشريعات المجلس فهذا كلام غاية في السلبية ولا يمكن قبوله ، عليهم أن يقتضوا بحزب العدالة والتنمية التركي .
كيف تلقيت إعلان الإخوان عن تكوين حزب ؟
من يريد إنشاء حزب مهما كان فلينشيء طالما أنه لا يحمل سلاح ولا يدعوا الى فتن طائفية فقط، سيقبل مهما كان توجهه حتى لو كان حزبا قبطياً.
لكن السياسيين في مصر لطالما رفضوا الأحزاب على أسس دينية؟
تتقبل أو لا تتقبل أهم شئ هذين الشرطين السابقين وان شا لله كل عشرة في مصر ينشئوا حزب لا توجد مشكلة والحكم في النهاية لصناديق الانتخاب .
اذن فالاسلاميون مدعوون للمشاركة ؟
طبعا اذا كان النظام السابق متمثلا في عمر سليمان دعاهم للمشاركة فهل يمنعهم أحد الآن.
هل هناك فرق في نظرك بين الاسلاميين سواء اخوان أو حزب وسط؟
لا فرق تقريبا، وإن كان وضع الوسط تراجع قليلا بعد نفوذ الإخوان في الفترة الأخيرة
كيف ترى مستقبل الاخوان في الحياة السياسية المصرية ؟
لابد أن يتجاوزوا كثير من العقبات ويكفوا عن تخويف الناس بالكلام عن الأقباط أو المرأة بشكل سلبي، وكذلك ألا يرشحوا أنفسهم في انتخابات الرئاسة، أو يرشحوا أنفسهم في كل دوائر مجلس الشعب فكل هذا تخويف، لأن التجربة مازالت حديثة.
كيف يكون الناس خائفون ويعطوهم كل هذا التأييد؟
لم يكن هذا تأييد بل كان غضب من الحزب الحاكم وردة فعل على أفعاله، وبما أن الحزب الحاكم زال فستجد أن تقييم الناس سيكون مختلفا وأكثر موضوعية وليس لأسباب انتقامية من السابقين.
وهل يمكن أن يقل هذا التأييد؟
الأيام هي التي ستحكم فالإخوان لهم مجهود اجتماعي كبير ومحمود في الدوائر الانتخابية.
ما رأيك في من لايزال مُصراً على انسحاب الإخوان من العمل السياسي إلى العمل الدعوي ؟
طبعا العمل الدعوي والاجتماعي هو الأساس وهو ما أكسب الإخوان أرضية وشعبية أكبر،وقد كنا نطلب منهم أن يبتعدوا عن الساحة السياسة لأن النظام كان يستعملهم كفزاعة الآن انتهى النظام السابق والكل مدعوا للمشاركة.

الاستبداد ومظاهر التخلف في بنية العقل العربي/كتب عبد الوهاب عيسي



في أوائل الخمسينات ازداد التأليف بغزارة حول التخلف، وكان ذلك نتيجة لبروز ظاهرة الدول المستقلة حديثا والتي حملت مصطلح دول العالم الثالث، وكان الباعث على التأليف في ذلك هو البحث في المشكلات والقضايا التي تتحدى النهوض الاجتماعي كما يقول الدكتور مصطفى حجازي في كتابه التخلف الاجتماعي، وقد اتخذت هذه الدراسات وجهات متعددة، ولكنها تركزت بشكل أساسي حول الاقتصاد والصناعة، فنشأ عن ذلك علم اقتصاد التخلف، الذي يبدو أنه أسقط من حساباته صاحب القضية وهو الانسان المتخلف، فلم يعطه من الاهتمام مثلما أعطى للبنى الاقتصادية والسياسية. فصارت خطط التنمية الإقتصادية توضع بين يدي حكام متخلفين يطبقونها على شعوب متخلفة بعقلية غاية في التخلف، فكانت النتيجة الحتمية أن فشلت جل نظريات المعالجة على أسس اقتصادية، فاتجهت أنظار الباحثين - وليس الحكام - إلى العلوم الإنسانية بحثاً عن حل لهذا اللغز فنشطت هذه العلوم وتعددت المؤلفات عن أسباب ومظاهر التخلف بتعدد أنواع العلوم الإنسانية ومناهج البحث المختلفة، لكن مع هذه الكثرة من الأبحاث والمقالات لا نكاد نجد فيها ما يخصنا نحن العرب بتحليل إلا القليل، فالمكتبة العربية في شوق لمثل هذه الأبحاث التي تتغلغل في أعماق الإنسان العربي وتصف له أعراض جرثومة التخلف في فكره وعقله، أحد هذه المباحث القليلة هو بحث اجتماعي بعنوان أزمة اللغة ومشكلة التخلف في بنية العقل العربي للدكتور محمد يونس أستاذ اللسانيات بجامعة الشارقة، ورغم أن البحث لغوي - كما يبدو من العنوان - إلا أن الباحث رأى أن أصل المشكلة ليس لغوياً، وإنما عقليا ، فصدر بحثه بقوله:" تقوم هذه الدراسة على افتراض أن أزمة اللغة العربية هي جزء من مشكلة أعم، هي مشكلة التخلف، وما لم تبحث مظاهر التخلف في بنية العقل العربي، وأسبابه؛ فستبقى أزمة العربية قائمة دون حل جذري
".
فمناقشة التخلف ومظاهره في العقلية العربية هو الحل الجذري لمشاكلنا، لذا حاول الباحث في وضوح وعمق شديدين وضع يدنا على المرض، فكان تحديده لمظاهر التخلف في بنية العقل العربي –والغريب أنها تتماثل وتتعاظم مع صفات المستبدين- في خمسة عناصر رئيسة هي:

1-
تمحور التفكير حول الذات (أو تضخم الأنا )، ويتفرع عنها الانتهازية والاستغلال، والاستبداد. ٢- عاطفية التفكير، ويتفرع عنها الآنية والارتجال، واتباع الهوى وغياب العدل، والتفكير الشاعري. ٣- الجزمية الفكرية، ويتفرع عنها نغمة الحسم في تقويم الأمور، وعدم تقبل النقد. ٤- التواكل الفكري، ويتفرع عنه : الاستسلام للتفكير التآمري، وإيقاع اللوم على الآخرين، والاستسلام للواقع وعدم التضحية، وعدم المبالاة بأهمية الأمور، والترعة التقليدية وغياب التفكير الإبداعي (الألمعية)، والتفكير الهامشي. ٥- سطحية التفكير، ويتفرع عنها قصر النظر، وغياب العمق، وصفرية الانطلاقة، وإهمال الكيف والاهتمام بالكم، والتفكير التشخيصي، والتفكير الحشوي.١- تمحور التفكير حول الذات وينتج عنه: الانتهازية، والاستغلال، والاستبداد، حيث باتت أفراد اﻟﻤﺠتمعات العربية تنظر للحياة على أنها فرص ينبغي استغلالها، وأن العلاقات مع الآخرين بات يحكمها صراع، يحاول كل طرف حسمه لصالحه. فمن يحصل على منصب سياسي أو اقتصادي أو موقع اجتماعي أو إعلامي أو تربوي فلا بد له من أن يستغله لصالحه إلى أقصى حد ممكن. أما الاستبداد فيرى يونس أنه على رأس قائمة القيم المضادة للحياة والتقدم. فالمستبد يرى تناقضا بين مصالحه الشخصية المحكومة بأنانية مفرطة، والمصالح العامة التي لا تشبع ﻧﻬمه؛ ولذا يحرص على أن تكون كل أمور اﻟﻤﺠتمع متمحورة حوله".٢- عاطفية التفكير أما المظهر الثاني للتخلف في العقلية العربية في تقديره فهو عاطفية التفكير وهي: ظاهرة ترتبط بعدم النضج، وغلبة الخصائص الطفولية في الإنسان، ويتفرع عنها: الآنية والإرتجال، ومن أشكالها في واقعنا، أن أغلب أفعالنا تكون عبارة عن ردود أفعال وليس مبادرات، وهو ما يؤدي إلى الفوضى، وغياب التخطيط الواعي. وتستحكم عادة الآنية والارتجال في الإنسان المتخلف، نتيجة تعوده على الاعتماد على الغير، فتجعله عاجزا عن التفكير والاختيار، أو ضبط انفعالاته، ودوام لومه للآخرين فيما يواجه من مشاكل، وقد فسر ماجد الكيلاني في كتابه التربية والتجديد ذلك بأنه "نتيجة للتنشئة "الأسرية القسرية، والتربية التلقينية الخاطئة، ونظم الإدارة السلطوية، والحكم الظالمة". ومن مظاهر التفكير العاطفي اتباع الهوى وعدم العدل وأبرز ملامحه اتباع الهوى التعصب للقبيلة وللبلد وللأقارب وللأحباب.٣- الجزمية الفكرية عرفها يونس بأنها " توهم الإنسان علمه بالأمور أكثرمن غيره، وغناه عن الاستشارة، وتيقنه من صحة رأيه وعدم قبوله المراجعة أو النقد، وذلك لأنه يكون متعلقا برأيه عاطفيا ويعتبره جزء منه، ولذا فإن أي نقد يوجه إلى رأيه يفسّر على أنه اعتداء على شخصيته" ومن مظاهر هذه الجزمية محاولة الحسم في تقويم الأمور فيكون"التعبير عن وجهات النظر بأسلوب جازم لا مجال فيه لشك أو خطأ، وعدم التسامح، ورفض الآخر وإطلاق التعميمات الباطلة بلا حجج واضحة إلا تجارب محدودة لا تكفي للحكم على شيء " و ثالث مظاهر الجزمية الفكرية عدم تقبل النقد ويكتفي يونس بنقل قول أحد المستشرقين:" إن موافقتك العربي بنسبة ٩٨ % يعني أنك عدوه" ٤- التواكل الفكري وهو نوع من الكسل العقلي مقترنا بمنهج تسويفي يرمي إلى إراحة النفس من التعامل مع مشكلة ما. وينتج عنه الاستسلام للتفكير التآمري فما أسهل على العربي أن يحل جميع مشاكل العالم، وهو يحتسي فنجانا من قهوة، فبلحظة من الإلهام يستطيع كثير من الناس أن يتجاوز النظر إلى ظواهر الأمور ويتعمق في نيات الناس، وفي غياهب الغيبيات ليدرك بثقة كاملة أن أصل أي مسألة قيد النقاش لا يعدو أن يكون محض مؤامرة يقوم ﺑﻬا أعداء الأمة أو الجن أو قوة أخرى. وشبه يونس المصاب ﺑﻬذا النوع من التفكير بطبيب يعزو جميع الأعراض التي يشكو منها مرضاه إلى قوى شريرة تتحكم في أجسادهم، وهو بذلك يريح نفسه من عناء استخدام السماعة، وقياس الحرارة والضغط والسكر، والتفكير في الاحتمالات الطبية الممكنة للمرض. ويرى أن التفكير التآمري يعد دليلا على الروح الاﻧﻬزامية، وعدم الثقة في النفس، وضعف الإرادة، وفتور العزم. ومن نتائج التواكل الفكري اللامبالاة بأهمية الأمور ولهذه الصفة مظاهر مختلفة كما يقول يونس "منها عدم إتقان العمل ، وعدم العناية بالتفاصيل، وغياب الدافع الذاتي للقيام بالعمل." ومن أخطر نتائج التواكل الفكري التقليد وعدم الإبداع(الإمعية) وهي"المحافظة على القديم ﻟﻤﺠرد قدمه والعزوف عن الجديد ﻟﻤﺠرد جدته" لذا طغت علينا صفة الآبائية، فعشقنا المألوف وقدسنا ما ألفينا عليه آباءنا في عصور التخلف، فصارت محاولات الابتكار "غير مجزية" بل و"نوعا من المغامرة المشكوكة النتائج". وساد الحكم على الأشياء بمعيار الأصالة أو الجدة دون نظر إلى الأشياء في حد ذاﺗﻬا، وغاب عنا أن الزمن ليس له صلة بالجودة أو الرداءة، ولا الجودة مرتبطة بجدة أو بقدم . وبناء على ذلك فإن السؤال الصحيح الذي ينبغي أن يسأل دائما هو: ماذا قيل؟ وليس من قال؟ أو أين قيل؟ أو متى قيل؟ كما هو شائع عند كثير من أصحاب التفكير الإمّعي الذي يرفضون الفكرة إذا كان مصدرها غربيا أو حديثا ويقبلوﻧﻬا إذا كان مصدرها تراثيا دون نظر في مدى صحنها ودون فحص لأدلتها. ومن نتائج التواكل الفكري: التفكير الهامشي وهو:"إشغال الإنسان فكره بقضايا خارجة عن دائرة نفوذه، وتأثيره، كأن يمضي الكثير من الوقت في حل مشاكل العالم دون أن ينهج في ذلك ﻧﻬجا علميا، ودون أن يكون له من المؤهلات والقدرات التي تمكنه من ذلك، أو أن يضيع الوقت في المناقشات البيزنطية العقيمة أو الصراعات التاريخية السالفة". فالميل إلى التفكير الهامشي إنما هو نوع من التعويض عن الكسل، والتقاعس عن الواجبات المناطة به، ومحاولة إقناع النفس بالانشغال بقضايا الأمة، وتاريخها، ونحو ذلك من الأمور،
٥- سطحية التفكير أما خامس وآخر مظاهر التخلف في العقل العربي بحسب تقسيم الدكتور يونس فهو سطحية التفكير والتي ينتج عنها قصر النظر تقويم الأمور بمردودها الآني ومن النتائج أيضا غياب العمق وهو:" غياب الطابع التجريدي في البحوث والأعمال ، وعدم العناية بالتفاصيل، والاقتصار على ما يسهل الوصول إليه، وعدم التنويع في مصادر المعرفة، وغياب التأصيل الفلسفي والنظرة الشمولية للموضوع، والعجز عن التنظير،والجهل بطبيعة المعرفة البشرية، وأصولها"ومن مظاهر سطحية التفكير صفرية الانطلاقة عدم الرجوع إلى ما فعله الآخرون، والابتداء دائما من نقطة الصفر ولا أدل على ذلك من غياب قواعد البيانات في مختلف التخصصات، وانعدام الفهرسة التي تسهل الرجوع إليها. ومن مظاهر سطحية التفكير الاهتمام بالكم على حساب الكيف حيث يقاس النجاح والجودة عندنا في معظم الأحوال بالعدد، وليس بالجودة، نرى هذا بوضوح في معايير التوظيف، والترقية، والتكريم، والمباهاة ، فزيادة العدد أو الحجم دائما هو الأهم، والاهتمام دائما ينصب (بنظرة مستدبرية لا مستقبلية) إلى "كم ُفعِل" وليس إلى "كيف سيفعل". ومن مظاهر سطحية التفكير أيضا شخصنة التفكير حيث ينحصر اهتمام كثير من الناس في ملاحظاﺗﻬم وتقويمهم للظواهر والأحداث في الأشخاص الذين لهم صلة ﺑﻬا بدلا من العناية بالأحداث والظواهر في حد ذاﺗﻬا. وتتوجه العاطفة (حبا أو بغضا استحسانا أو استقباحا رضا أو سخطا)، وكذلك الأحكام (قبولا أو رفضا) نحو الشخص الذي قام بالفعل أو كان موضوعا له. ويؤول هذا في ﻧﻬاية الأمر إلى التعلق بالأشخاص، وربما تقديسهم، أو التحامل عليهم ومحاربتهم، في الوقت الذي تكون فيه الحاجة ماسة إلى التعامل مع الأحداث والظواهر التي ارتبطت ﺑﻬا أسماؤهم. ومن مظاهر سطحية التفكير الحشو العقلي حيث ترتبط المعرفة عند الكثير من الناس بجمع أكبر قدر من المعلومات وتخزينها، فإذا كان العارف مدرسا نزع إلى حشو تلك المعلومات في ذهن طلابه، وهكذا تستمر العجلة في الدوران ولكن في مكان واحد. والضحية الأولى في هذا النهج التفكيري هي المنهجية والإبداع، والتعليم، والبحث العلمي. والنتيجة النهائية تخلف عام في كل مناحي الحياة.