الثلاثاء، 31 مايو 2011

من كتاب الرجل والمحنة للشعراويي

كعادة الشيخ  ويقينه يرجع الامور الي مفهومها الديني المتاصل عن ( المنهج عن الله ) لذا فانه يري اننا لا ندافع عن ( الارض ) بما هي ارض ولكن بما هي ( ارض تحمل القيم ) كذلك فاننا ندفع الغزو الخارجي لاننا نخاف علي الدين والقيم  ومن ثم يضع  قاعدة عامة تمكننا من الحكم علي اي صراع ينشب ما بين فريقين وذلك حين يقول (( ان الصراع بين قوتين اذا طال فذلك دليل باطل  الطرفين لان وعد الله ان ينتصر الحق علي الباطل ومعني انه لم يتحقق هذا الوعد فان الطرفين ليسا علي الحق
والباطل الذي يتحدث عنه الشيخ انما يفسره بعد ذلك بانه :-
** اما ان الباطل في جوهر قضية الصراع
** او ان الباطل في جوهر المتصارعين
ووعد الله مشروط بخلو الجوهرين من الباطل  اذ لا يكفي ان تكون القضية قضية حق وانما ان يكون اصحابها ايضا علي الحق
ويقول ايضا انه لكي  تنتصر القوة بالمفهوم الديني فان الامر يستلزم توافر عاملين
** تحقق شرط الايمان
** تحقق عناصر الجندية لله " انما جندنا لهم الغالبون "
ومن ثم فانه يري انه في حالة النصر او الهزيمة علينا ان نفتش في انفسنا
فاذا كان النصر  فعلينا ان نتبين تمام اكتمال جنديتنا لله
واذا كانت حالة هزيمة فعلينا ان نبحث عن العنصر الذي تخلف من عناصر جنديتنا لله
وعلي قدر هذه الهزيمة تكون تخلف عناصر هذه الجندية

فن الكلام للشيخ علي الطنطاوي


زارني الليلة البارحة صديق لي فاستقبلته واعتذرت إليه بأني مشغول، عندي مقالة، قال: كل يوم مقالة، أو حديث؟ متى تنتهي هذه المقالات وهذه الأحاديث؟
قلت: حتى أنتهي أنا.
قال: إنك تنشر باستمرار من أربعين سنة فمن أين تجيء بهذه الموضوعات كلها؟
قلت: أسمع كلمة من تكلم أو أبصر مشهداً في طريق فأدير ذلك في ذهني ولا أزال أولِّد من الكلمة كلمة، ومن المشهد مشهداً حتى يجيء من ذلك حديث أو مقالة.
قال: أرني كيف تصنع حتى أتعلم!
فضحكت وقلت: إنها عملية تتم في ذهني لا في يدي، فكيف أريك مالا يرى؟.
وكنا قد شربنا القهوة ولكني لم أكتف بها ووجدت أنها لا تزال بي رغبة إلى الشاي وأنا كالإنكليز ( في هذه فقط ) أشرب الشاي في الصباح وفي الأصيل وفي الليل لا أنتهي منه حتى أعود إليه.
فقلت للبنت: قولي لأمك أن بابا يسألك: هل من آداب الضيافة أن نقدم الشاي بعد القهوة؟
فذهبت فقالت لها: بابا عاوز شاي.
قلت له: أسمعت؟ هذا موضوع حديث.
قال متعجباً: هذا؟ قلت: نعم. لقد بعثتها لتنقل إليها عبارة معناها إني أريد شاياً. ولكني جعلتها نكتة لطيفة، ليس فيها أمر وليس فيها جفاء... فأضاعت البنت هذه المزايا كلها حين بلغتها المعنى المجرد جافاً قاسياً كأنه أمر عسكري.
أفلا يوحي إليك هذا بشيء؟
فنظر وقال: لا!
قلت: أما أنا فقد ذكرني بقصة الأمير الذي رأى رؤيا مزعجة فدعا بمن يعبرها له، فقال له: تفسيرها أنها ستموت أسرتك كلها. فغضب الملك وأمر به فجلد عشر جلدات وطرد. ودعا بآخر، فقال له... أيها الأمير إن تعبير رؤياك واضح أنك أطول عمراً من أسرتك كلها.
فسر الأمير وأمر أن يعطى عشرة دنانير.
والمعنى واحد ولكن هذا قذف به في وجه الأمير عارياً صلداً كأنه يقذفه بحجر فخرج مضروبًا وذلك لفه بثوب جميل من حسن التعبير وقدمه إليه بيمينه برفق وتعظيم فخرج بالجائزة.
إن هذا هو الموضوع؟
قال: إني لم أفهم شيئاً إلى الآن؟ فما هو الموضوع؟
قلت: فن الكلام.
فليس  النطق أن يخرج الحروف ويصفَّ الكلام، بل أن يعرف كيف يتكلم، ورب كلمة تدخل الجنة، وكلمة تدخل النار وكلمة أنجت من القتل وكلمة دفعت صاحبها إلى القتل، ورب صاحب حاجة عند وزير أو كبير، عرف كيف يطلبها فقضيت له، وآخر طلبها فلم يصل إليها. وكثيراً ما كان يقصدني أرباب الحاجات يسألونني أن أكلم لهم من أعرف من الوزراء والكبراء وأنا أكره أن أسأل في حاجة لي أو لغيري، فكنت أعتذر إليهم ولكني أفيدهم فائدة أكبر من وساطتي، هي أن ألقنهم الكلام الذي يقولونه للوزير أو للكبير ولولا أن الوقت يضيق عن التمثيل لضربت لذلك أمثالا ً.
وفي كتب الأدب العجائب في هذا الباب ولعلي أعود إلى الكلام فيها يوماً.
وهذا فن لا يتعلم تعلماً ولكن يوصل إليه بالقلب الذكي، وبأن تعرف خلق من تكلمه والطريق إلى نفسه. وكل نفس لها باب، وإليها طريق، لم يخلق الله نفساً مغلقة لا باب لها، فهذا يدخل إليه من باب التعظيم، وهذا من باب العاطفة وهذا من باب المنطق، وهذا من باب التهديد والتخويف، وهذا يزعجه التطويل ويحب الاختصار وهذا يؤثر الشرح والبيان ولا بد لك من قبل أن تكلم أحداً أن تعرف من أي باب من هذه الأبواب تدخل عليه.
ولا أذهب بك بعيداً معك في الدار، أليس لك أولاد؟
قال: بلى.
قلت: قد يجيئك ولدك وهو عابس مبرطم ( الكلمة عربية ) فيقول لك بلا سلام ولا كلام: أبغي نصف ريال.
فتقول له: أما أخذت البارحة نصف ريال؟ أكل يوم نصف ريال؟ وتطرده.
ويجيء الولد الآخر فيقبل يدك، ويسلم عليك، ويقول لك بابا أنا أشكرك لأنك أعطيتني أمس نصف ريال ولكني أنفقته وأنا أريد غيرها ولكني مستحي منك. وسأقتصد ولن أنفقها كلها مثل المرة الماضية.
فتقول له: لماذا تستحي مني؟ هل يستحي أحد من أبيه؟ خذ هذا ريال.
إنك لا تفضل ولداً على ولد، ولا تبخل بنصف الريال ولكن الأول أساء الأدب فعاقبته بالحرمان والثاني أحسن الأدب فأجبت له الطلب.
والمرأة الحكيمة التي تعرف خلق زوجها وتعرف كيف تكلمه تصل إلى كل ما تريده منه، والمرأة الحمقاء تحرم نفسها من كل شيء.
الأولى تعرف الوقت المناسب لعرض طلبها فلا تجيء زوجها وهو غضبان أو متضايق، بل تنظر ساعة رضائه وانطلاق نفسه فتطلب منه. ولا يكفي الرضا منه بل يجب أن يكون مع رضا النفس امتلاء اليد فإذا كانت تعلم أن الزوج ليس لديه من المال ما يلبي به الطلب لم يفدها حسن العرض ولا جمال القول.
وليست العبرة بألفاظ الكلام فقط بل باللهجة التي يلقى بها هذا الكلام والتحية إن ألقيت بلهجة جافة كانت شتيمة والشتيمة إن ألقيت بلهجة حب كانت تحية، والولد الصغير يعرف هذا بالفطرة. إن قلت وأنت ضاحك ( أخ يا خبيث) سر وابتسم، وإن قلت وأنت عابس مهدد: تعال يا آدمي يا – منظوم – خاف وهرب.
وإن قلت لصديقك في الدار: تفضل اقعد كانت مكرمة وإن قالها رئيس المحكمة للمحامي في وسط دفاعه كانت إهانة.
مع أن الكلمة واحدة وإن كتبت لم يكن بين حاليها اختلاف وما نقلها من حال إلى حال إلا اللهجة.
وخذ مثلاً أقرب كلمة صباح الخير.
إن صباح الخير قد يكون معناها إني لا أبالي بك ولا أحس غيابك ولا حضورك... وذلك إن قلتها ووجهك خال من كل تعبير وصوتك خال من الحرارة، كأنك تردد جملة محفوظة.
وقد يكون معناها إني أعطف عليك ولكني أراك دوني وأحس أني أرفع منك – إن قلتها وأنت باسم بسمة دبلوماسية وقد أحنيت رأسك ربع سانتي انحناءة مصطنعة.
وقد يكون معناها إني صديقك المخلص لك – إن قلتها بابتسامة صادقة وبلهجة طبيعية.
وإن برقت عيناك وأنت تقولها وارتجف صوتك حتى كأنه صوت ( أحمد علام ) في رواية مجنون ليلى كان معناها إني أعشقك وأموت حباً فيك.
وقد يكون معناها، إني أحتقرك وأزدريك إن قلتها وأنت مصغر خدك زاو نظرك شامخ بأنفك.
وقد يكون معنى صباح الخير سب الأب فإذا عوتب القائل قال: ( وهل شتمته، هل قلت له شيئاً؟ إنما قلت له صباح الخير ).
وقد يكون للكلمة أحياناً عكس معناها، الذي يدل عليه لفظها، يفهم ذلك من قرائن القول وظروف الكلام.
فإذا خرجت من الوزارة أنت وزميلك، فاصطحبتما في الطريق، حتى بلغت دارك، تقول له: تفضل معنا.
فيقول لك: في أمان الله.
لأن ( تفضل معنا ) هنا. معناها، فارقنا واذهب عنا، بدليل أنه لو أخذها على حقيقتها وتفضل معك، لضقت به واستقبلته وعجبت منه.
وقد يطيل الزائر السهرة، ثم يتهيأ للقيام فتقول له: بدري ( كمان شوي ) ومعنى ذلك لقد أطلت فاذهب.
وإذا مللت من حديث محدثك، تقول: ( لا يمل ) وهو في الحقيقة قد مل.
وتقول: ( غير مقطوع حديثك ) وقد قطعته وفصلت رأسه عن جسده، أو بترت ذنبه عن جسمه.
وقد يفقد الكلام كل معنى، ويصير جملاً فارغة، كقولك لمن تلقاه.
كيف حالك؟
ولا يهمك حقيقة أن تعرف حاله ولا ماله.
ويقول لك: مشتاقون، وما هو بالمشتاق إليك ولا المفكر فيك.
ويقول: طمني عن الصحة؟.
كأن صحته تشغل فكرك، وتطرد النوم عن عينيك ولا تطمئن حتى تثق بكمالها وتمامها.
كنت مرة خارجاً من المستشفى، بعد عملية جراحية، لا أزال أقاسي آلامها، فلقيني صديق لي فقال: كيف الصحة؟
فظننته يسأل عنها حقيقة ورحت أشرح له ما بي و أصور ما أجد وتكلمت خمس دقائق بمقدار حديثي في الإذاعة – على مائدة الإفطار – في رمضان فلما انتهيت سكت ونظرت إليه، أسمع منه، فقال: كيف الصحة إن شاء الله بخير.
وإذا به لم يسمع من شرحي وبياني شيئاً.
ودليل آخر، هو أسلوب التحية هنا وفي مصر وفي الشام يقول لك، من تلقاه. كيف أصبحت؟ كيف الأولاد، فتجيبه بما تيسر، فيعود فيقول: وكيف أصبحت وكيف الأولاد؟
يعيدها – كما تعاد ( ازيك ) في مصر، و( ايش لونك) في الشام والعراق، سبع عشرة مرة على الأقل – فلا تدري بماذا تجيب.
ومن الكلام الذي لا يدري المراد منه سؤال إخواننا الصحفيين كل من يلقونه، في كل مناسبة، وفي غير مناسبة، (عن شعوره ) عند رؤيته هذا المشهد، و ( انطباعه ) – وما أدري ما معنى ( انطباعه) - لذلك الحادث.
ولو حققت عن مراد السائل من سؤاله. وجدت السائل لا يعرف حقيقة ما يريده، فضلاً عن أن يعرفه المسؤول.
ولهجة الكلام وملامح الوجه، تقلب المعني قلباً. تصوروا رجلاً يدخل المأتم الحزين، وهو باسم الثغر، منطلق الوجه، ويقول بلهجة مرحه: ( عظم الله أجركم، والله تألمنا لمصابكم ). أو يدخل الفرح وهو دامع العين، ويقول بلهجة باكية: لكم تهانينا، إننا فرحون لفرحكم.
إن من يسمعه، يقول إنه أحمق، أو كاذب، ومثله مثل هؤلاء المغنين الذين يسمون أنفسهم قراء وما هم بالقراء، يتلون آية العذاب من كتاب الله التي تقشعر لها الجلود بصوت مرح ونغمة مرقصة، ويتلون آية البشرى والنعيم بنغمة حزينة وصوت باك.
وإن من إمارات الحكم على شخصية إنسان لهجة كرمه، فمن كان يتكلم بصوت هادئ ولهجة متزنة، وحروف واضحة، كانت له شخصية المهذب النبيه، ومن كان مرتفع الصوت، حاد اللهجة يتشدق في كلامه أو يمط الحروف لم تكن له هذه الشخصية وقد ترى امرأة جميلة الوجه وأخرى دونها جمالاً، ثم تسمع كلامهما، فتجد الأولى خشناً ولهجتها قاسية، وهي مسترجلة في نطقها، وتجد للثانية صوتاً رقيقاً ولهجة ناعمة ونغمة حبيبة فيزيد في عينيك جمالها حتى لتجدها أجمل من صاحبتها بل ربما شوه كلام الأولى صورتها في بصرك حتى رأيت جمالها قبحاً.
قال صاحبي: لقد اكتملت المقالة.
قلت: نعم، وكان موضوعها جديداً، هو ( فن الكلام ).

الأحد، 29 مايو 2011

نماذج التعايش مع الآخر


د‏.‏ علي جمعة‏

أكد رسول الله صلي الله عليه وسلم أمن واستقرار دولة المدينة منذ اللحظة الأولي في تأسيسها‏,‏ وحرص علي هذا من خلال سياساته الداخلية والخارجية في وقت السلم والحرب‏,‏
 ففي وقت الحرب ومن خلال الغزوات التي قام بها بنفسه أو السرايا التي بعث بها أصحابه, أصر النبي صلي الله عليه وسلم علي تجنيب أهل المدينة ويلات الحروب والابتعاد عن ازهاق الأرواح وتدمير وتخريب الممتلكات, فعمل علي الخروج لملاقاة الأعداء خارج حدود المدينة لتحقيق هذا الهدف, فعلي سبيل المثال في غزة أحد خرج لملاقاة مشركي مكة خارج المدينة, رافضا التحصن داخل المدينة لحين قدوم العدو, أما في غزوة الأحزاب, فحين لم يتمكن من الخروج لملاقاة الأحزاب خارج المدينة عمل علي تحصين المدينة بحفر خندق حولها في بادرة هي الأولي من نوعها في شبه الجزيرة العربية.

الجمعة، 27 مايو 2011

تأملات في بناء الفكر الإسلامي للشيخ محمود شلتوت

 للشيخ شلتوت دراسة قيمة تحت عنوان " الإسلام والوجود الدولي للمسلمين"، وهي من الموضوعات الحية، التي نحن بحاجة إليها في هذا العصر الذي أصبح فيه الإسلام هدفاً للتحدّيات الشرسة من أعدائه وأتباعه معاً، هؤلاء الأتباع العلمانيون الذين خُيّل لهم أن الإسلام اليوم جدار مائل بلا حراسة، فانتهزوا الفرصة ليهيلوا عليه الطوب والحجارة، تزلّفاً إلى الأنظمة في ديار المسلمين التي يُرهبها أن يستردّ الإسلام اعتباره، وتقرّباً إلى خصوم الإسلام من الغرب  للحصول على المال.

        لقد كان للمسلمين ـ باعتبارهم جماعة ـ أحداث هي عناصر قوية في بناء الوجود الدولي لهم .. وكان شأنهم في تذكرها، شأن كل مجتمع بشري يتحسّس مواضع الضعف في سيره فيتقيها .. وعوامل القوة فينميها .. إن صاحب العقيدة العالمية، والمبادئ الإنسانية العامة، لا يقف بجهوده في سبيل عقيدته أو مبدئه في أماكن محدودة، وإنما يسمو بعقيدته ومبدئه عن التقيد بالجنسيات والأقاليم. والعالم كله ميدان لعمله "فإذا ما نبا به مكان تحوّل إلى غيره، حيث يجد التربة الخصبة للإنبات والإثمار".

الفلسفة شيء والدين شيء آخرلزكي نجيب محمود

في هذا البحر المائج بالمعاني المضطربة الغامضة، لم يكن ليبدو لنا غريباً أن يختلط على الناس شيء بشيء آخر، لا سيما إذا كان بين الشيئين شبه قريب أو بعيد، فإذا كنت قد رأيت ، حتى بين صفوة المثقفين، من يحسب الدين فلسفة ومن يحسب الفلسفة ديناً، لما أخذني عجب، لأنني أعلم أن حياتنا الراهنة المليئة بأزماتها، قد أرغمتنا على أن نتعجل أمورنا، ولا بأس في أن نفهم المعاني مغلوطة ومخلوطاً بعضها ببعض، فلن يموت أحد بالسكتة القلبية إذا هو فهم الحرية على أنها عدالة، أو فهم العدالة على أنها ديمقراطية، أو فهم الديمقراطية على أنها تواضع، فكلها خيرات – وكلها طيبات-، فهمومنا في حياتنا اليومية، أكثر جداً من أن تترك

ذلك دور المسلمين لزكي نجيب محمود

تلقيت في يوم واحد رسالتين، كلتاهما تستند في سياق حديثها، إلى أقوال قالها المفكر الفرنسي الكبير روجيه جارودي، ولقد قالها في معرض حديثه إلى الناس هنا –في مصر- عن الدوافع التي انتهت به إلى إعتناق الإسلام، أما إحدى الرسالتين فقد جاءت من قاريء يباهي بإسلامه، لكنه – كما رايته – لا يتخلق بأخلاق المسلمين في أدب الحديث وأما الرسالة الثانية فمن شاب أخذته الحيرة، ولم يعد يدري أين يكون الصواب في النظر إلى حضارة هذا العصر وأين يكون الخطأ، على أن الذي استوقفني في الرسالتين معاً، أشتراكهما في نقطة أوردها جارودي في أحاديثه عن إسلامه، فأبرزتاها باهتمام شديد، وخلاصتها هي أن حضارة الغرب

الجمعة، 20 مايو 2011

كيف دخلت المسيحية مصر وكيف دخلها الإسلام للشيخ /محمد الغزالي


من ألوان الحرب التى تشن الآن ضد الإسلام اعتباره طارئا على البلاد.
وفد عليها مع فاتحين غرباء، ثم استقر فيها على كره من أصحابها الأصلاء!!.
وهذه مزاعم مضحكة، فإن كلتا الديانتين جاءت مصر من الخارج.
وليست مسيحية عيسى صناعة محلية يجب ـ لتشجيعها ـ أن توضع العوائق الجمة أمام ما قد يزاحمها من واردات أخرى ! كلا

الأحد، 8 مايو 2011

من تطبيقات وثيقة المدينة‏:‏ حسن معاملة الجار بقلم د. علي جمعه مفتي الجمهورية

).إن التعايش السلمي الذي يدعو إليه الاسلام يؤدي بدوره الي تبادل المصالح والأفكار والمنافع وتقوية العلاقات مع الآخر, وقد كان الأمر علي هذا الحال منذ فجر الإسلام بين المسلمين وغيرهم, حيث جعل الاسلام علاقة المسلمين بغيرهم قائمة علي أسس إيمانية مبنية علي قيمة السلام, وبعيدة عن صفة العنف والطغيان.وقد طبق الرسول صلي الله عليه وسلم هذا النموذج في التعامل مع غير المسلمين بالحسني, فكان يحسن حوارهم, ويؤدي إليهم حقوقهم, ويدعو الي حسن معاملتهم في الأمور اليومية, في إطار من الرحمة وحفظ كرامة الانسان.ومن صور الإحسان في معاملتهم: عيادة مريضهم, إذ لا بأس بعيادة أهل الذمة وغير المقاتلين من الكفار, لأنه ـ كما قال الإمام الزيلعي ـ نوع بر في جقهم, ومانهينا عن ذلك, وقد صح أن النبي صلي الله عليه وسلم عاد يهوديا مرض بجواره.( نصب الراية 6/177) وهو مارواه البخاري أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي صلي الله عليه وسلم, فمرض فأتاه النبي صلي الله عليه وسلم يعوده, فقعد عند رأسه, فقال له: أسلم, فنظر إلي أبيه وهو عنده, فقال له: أطلع أبا القاسم, فأسلم, فخرج النبي صلي الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار( البخاري 5/378).ومن حسن معاملة الآخر أيضا: إفشاء السلام بينهم, ففيه من البر في حقهم مايؤلف قلوبهم, فقد مر النبي صلي الله عليه وسلم بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود, وفيهم عبد الله بن أبي ابن سلول, وفي المجلس عبد الله بن رواحة, فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا. فسلم عليهم النبي صلي الله عليه وسلم:( البخاري4/1663).قال القرطبي: وقد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون علي أهل الكتاب, وفعله ابن مسعود بدهقان صحبه في طريقه, وكان أبو أسامة إذا انصرف الي بيته لا يمر بمسلم ولا نصراني ولا صغير ولا كبير إلا سلم عليه. فقيل له في ذلك, فقال: أمرنا أن نفشي السلام.( تفسير القرطبي 11/103).ومن صور حسن الجوار كذلك: التعامل التجاري مع الآخر, فقد حرص الرسول صلي الله عليه وسلم علي ازدهار الحالة الاقتصادية في دولة المدينة, فلم يمنع التعامل مع غير المسلمين في البيع والشراء وغيرهما من المعاملات التجارية, ومن تلك المعاملات التي قام بها رسول الله صلي الله عليه وسلم بنفسه مع غير المسلمين أنه رهن درعه عند أبي الشحم
اليهودي, مقابل أنه أخذ لأهله منه شعيرا, ومات ودرعه مرهونة عنده
.ولم يمنع الرسول المسلمين من الذهاب الي أسواق أهل الكتاب والمتاجرة معهم, فبدأ التبادل التجاري بينهم, حيث امتلأت أسواق اليهود في المدينة بالمسلمين, ولا يخفي علي عاقل أن المعاملات التجارية اليومية لا تتم إلا في ظل التعايش السلمي الذي حض عليه الإسلام, وآية ذلك أن المرأة المسلمة كانت تذهب بنفسها لتشتري من اليهود في سوقهم دون حرج, مما يدل علي حالة الأمن والأمان السائدة في ربوع المدينة.ومما يؤكد ذلك المنحي: أن المسلمين كانوا يشترون الماء من بئر رجل يهودي من بني غفار يقال له رومة حتي اشتراها سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ووهبها للمسلمين, وذلك طاعة لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من يشتري بئر رومة فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين( البخاري 2/829).ومن حسن الجوار مع الآخر أيضا: العمل علي الإصلاح بين المتخاصمين والمتشاجرين دون تفريق علي أساس الدين أو العرق, لتصفو النفوس وتستقر الأمور بين أبناء المجتمع الواحد, روي البخاري أن الرسول صلي الله عليه وسلم قرأ القرآن علي مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود, فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول, إن كان حقا, فلا تؤذنا به في مجلسنا, ارجع الي رحلك, فمن جاءك فاقصص عليه, فقال عبد الله بن رواحة: بلي يارسول الله, فأغشنا به في مجالسنا, فإنا نحب ذلك, فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتي كادوا يتثاورون, فلم يزل النبي صلي الله عليه وسلم يخفضهم حتي سكنوا( البخاري 4/1663).إن الاسلام وهو يشيع هذه الأخلاق الفاضلة ليحافظ علي الوحدة بين طوائف المجتمع بمختلف مذاهبهم ومشاربهم, وقد تبرأ الرسول صلي الله عليه وسلم ممن خرج يريد زرع بذور الفتنة والفرقة بين أفراد المجتمع, فقال: ومن خرج علي أمتي يضرب برها وفاجرها ولا ينحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه(مسلم 3/1476).فالدولة الاسلامية قامت علي أساس قوي من حرية العقيدة والمساواة بين المواطنين, دون النظر الي اختلاف الديانات والعرقيات, كما أكدت علي ترسيخ مفاهيم التسامح والوحدة, والدعوة الي نشر المقاصد والقيم المشتركة بين بني الإنسان, ومن ذلك حب الجار والبر به

كان مجتمع المدينة قائما علي تعدد الأديان والأعراق والطوائف, ولم يكن سكان المدينة يوما أبناء دين واحد في ذلك الوقت, وإنما تنوعت أديانهم بين مسلمين ويهود ومشركين
ولكن جمعتهم الدولة الإسلامية في بوتقة المواطنة, فالاسلام والمسلمون لا يعترفون أو يقرون بمسألة تطهير الأرض وتوحيد الدين وإكراه الناس علي الدخول في دينهم أو

نحو فكر إسلامي مستنير‏ بقلم سعيد الجمل

م.سعيد الجمل

نحن كمصريين وفي الظروف الجديدة التي نعيشها‏(‏ بعد ثورة‏52‏ يناير‏)‏ نشاهد ظواهر التطرف الديني التي تهدد ثورتنا وتهدد ثقافتنا وتعوقنا أن نسلك طريق التقدم والنهضة التي ننشدها جميعا‏.‏
ولقد أحسست وأحس غيري من الكتاب أننا يجب ان نواجه ظاهرة التطرف الديني والتي ترفع لواءها بعض الجماعات التي تريد قيادة هذا الشعب وصبغ حياته بما يرونه من توجهات لابد منها في نظرهم وهو ما نري

الجمعة، 6 مايو 2011

القرضاوى.. و«الإسلام الثورى» بقلم د. وحيد عبدالمجيد


عندما ساند الشيخ يوسف القرضاوى انتفاضة السوريين، التى تتحول إلى ثورة الآن، ودعا لها وصلى على شهدائها صلاة الغائب، سبق بموقفه هذا كل أنصار الحرية والمناضلين من أجلها فى العالم العربى. فقد سبق ليبراليين يعتبرون الحرية مرجعيتهم وقيمتهم العليا، ويساريين يساندون المظلومين والمستغلين، وإسلاميين تجرع «إخوانهم» فى سوريا ويلات القمع ما لم يذقه غيرهم.
وليس هذا غريبا على الشيخ الذى وقف مع ثورة ٢٥ يناير فى وقت مبكر للغاية، وساهم بدور معتبر فى حمايتها ونجاحها عندما ناشد المصريين المشاركة فيها. فقد نقض بموقفه هذا فتاوى سلفية حرّمت التظاهر والنزول إلى الشارع، وزعمت أنهما يخلقان فتنة نهى الله عنها. ويصعب الآن تقدير ما كان يمكن أن يترتب على تلك الفتاوى المعادية للثورة، التى صدر بعضها عن شيوخ لهم شعبيتهم، لو لم يبادر الشيخ القرضاوى بالموقف الذى أسكت الباطل بالحق، فانشرحت له صدور الناس، ونزلوا فرادى وجماعات سعيا إلى إحقاقه.
وليت الباحثين الذين يقومون الآن بتوثيق ثورة ٢٥ يناير، سواء فى دار الكتب المصرية أو غيرها، يعنون بدور القرضاوى فيها من حيث توقيت تدخله، واتخاذه الموقف الشجاع، الذى أكد مجددا أن الإسلام هو دين الحرية رغم كل ما يصدر عن بعض من يرفعون رايته دون وعى أو إدراك. ولعلهم يهتمون، فى مهمتهم التوثيقية الجليلة، ببحث أثر موقف القرضاوى فى مسار الثورة من أجل الحقيقة والمعرفة، وليس فقط لإعطاء الحق إلى أهله. 
فهو ليس فى حاجة إلى تقدير أو تكريم. ولكن شعبنا هو الذى يحتاج إلى بوصلة تساعد على التقدم إلى الأمام فى الوقت الذى يُساء فيه استخدام الإسلام، ويُزج به فى معارك طائفية وسياسية تهدد الثورة، التى لم تحقق أهدافها كاملة حتى الآن.
يحتاج البسطاء المتدينون إلى من يذكّرهم بأن «الإسلام الثورى» الذى ساند ثورة شعبهم لا يمكن أن يصبح ضد هذه الثورة أو يستخدم أداة فى معارك صغيرة متهافتة، فيما المعركة الكبرى من أجل مصر الحرة العادلة لا تزال فى الميدان. وهم فى حاجة إلى من ينبههم إلى أن هذا الإسلام الكبير لا تزيده أو تنقص منه سيدة أو سيدتان يعتقد البعض أنهما أسلمتا، فيما يقول آخرون إنهما على مسيحيتهما باقيتان.
كما يحتاج كثير من المصريين إلى إبراز دور «الإسلام الثورى» فى تخليصهم من الظلم والطغيان، عبر توثيق دور القرضاوى فى ثورة ٢٥ يناير، التى تبتعد عنا روحها يوما بعد يوم.
ولا يقل أهمية عن ذلك كله تقديم نموذج ملهم بشأن الموقف الذى ينبغى أن يقفه علماء الإسلام ودعاته، ومن يرفعون رايته مع شعوبهم ومن أجل مصلحة أوطانهم، بمنأى عن الأهداف الضيقة والمطالب الصغيرة، التى قد لا يستطيع البسطاء إدراك أنها من نوع الحق الذى يُراد به باطل.
وهذا هو الموقف الذى يقفه القرضاوى فى مرحلة تستيقظ فيها الشعوب العربية من سبات طويل، سعيا إلى استرداد حريتها، دون أن يحسب حسابا إلا لما يمليه عليه دينه وواجبه وضميره.
وليس هناك دليل على ذلك أكثر من مساندته السوريين، الذين يتطلعون إلى نيل حريتهم فى الوقت الذى لا يزال معظم علماء الدين والتيارات الإسلامية فى حساباتهم الخاصة غارقين. فبينهم من يظن أن النظام الذى يتخذ مواقف قوية ضد طغيان العدو الإسرائيلى، وهى مواقف مقدّرة فى ذاتها، يحق له أن يطغى ويتجبر. ولا يزال أغلب الإسلاميين مترددين فى الالتحاق بالموقف الثورى الذى يتخذه القرضاوى، ويشجع قوى وحركات عربية على مثله. ومع ذلك ضرب بعض شباب ثورة ٢٥ يناير مثلاً يُحتذى عندما أعلنوا مؤخرا تضامنهم مع انتفاضة الشعب السورى السلمية.
وكان القرضاوى أحد أبرز من أضاءوا الطريق أمامهم وغيرهم ممن ساندوا هذا الشعب، بالرغم من البلبلة التى يثيرها موقف النظام السورى المقدّر والمحترم ضد الطغيان الإسرائيلى.
غير أن مهمة أكبر تنتظر القرضاوى الآن فى مصر، التى تهددها فتن عدة يساهم بعض من ينتسبون إلى الإسلام فى صنع الكثير منها. ويفرض هذا الخطر عليه التدخل قبل أن تُشعل نيران قد يصعب إطفاؤها لاحقا، وأن يقول كلمته وهو الذى ينتظر الملايين رأيه.
وربما تفرض صعوبة المهمة أن يُلحق كلمته المنشودة بتحرك يقوم به لرعاية حوار جاد بالتعاون مع فقهاء وعلماء وسياسيين ومثقفين يدركون جسامة هذه المهمة وحيويتها