الجمعة، 30 سبتمبر 2011

الصوفية‏..‏ بين مطرقة الصراعات وسندان الرسالة



نحن نحاول الدخول بعمق في تكوين الطرق الصوفية التي تبدو أنها خرجت عن مسارها الذي عرفت به عبر التاريخ الإسلامي من زهد وتقشف ورضا وقناعة ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان, إلي صراع وتنازع علي مناصب وأمور مادية لا قيمة لها, كما نحاول في هذه الحلقة الوصول إلي إجابة لسؤال قديم يتجدد باستمرار حول الخرافات والبدع التي يأتي بها الصوفيون في ممارساتهم وشعائرهم, وهل هي من التصوف أم مدسوسة عليه؟ كما نناقش الدعم المالي من الدولة وغيرها للطرق الصوفية, وكيفية تنقية هذه الطرق من الدخلاء.
الصراعات.. والرسالة
في البداية يؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم- رئيس جامعة الأزهر الأسبق- علي أن الصراع بين الطرق الصوفية أمر غير مشروع, فلا تنازع في التصوف علي مناصب أو أمور مادية لأنه قائم علي الزهد والرضا والقناعة ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان, ورجال التصوف عبر التاريخ الإسلامي عرفوا بالزهد والتقشف لدرجة أن بعض الصوفية نزلوا مكانا غريبا وناموا فيه وكان لكل واحد منهم غطاء يغطي نفسه به, فسمع أحدهم يقول أين غطائي, فقالوا له ألنا غطاء ولك غطاء, إذن فإعتزلنا, فالتصوف الإسلامي قائم علي المباديء الإسلامية المستنبطة من الكتاب والسنة كما قال سيد الطائفة الإمام الجنيد:(علمنا هذا مشيد بالكتاب والسنة), فالشاهد أن الصراعات بين أهل التصوف غير جائزة, وإذا حدثت فتعد ابتعادا عن محراب التصوف وروحه ومعانيه, ومخالفة مباديء التصوف الإسلامي من الأمور التي تنأي بالإنسان أن يكون صوفيا.
ويوضح الدكتور أحمد عمر هاشم أن التصوف عبارة عن شريعة وطريقة وحقيقة, أما الشريعة فهي ما شرعه الله من عقائد وعبادات وأخلاق, والطريقة هي المنهج الذي يسير عليه الصوفي, أما الحقيقة فهي الثمرة التي يفرزها السلوك الصوفي الحقيقي, فالشريعة بدون حقيقة عاطلة, والحقيقة بدون شريعة باطلة, ومعني هذه المقولة الصوفية أن الإنسان لو كان يتعبد علي الشريعة فيصلي ويصوم ويخاصم الناس فما فائدة صلاته وصيامه؟, فواجب من ينتمون إلي المحراب الصوفي أن يكونوا مثلا عليا في تسامحهم وأن يكونوا متوحدين لا مختلفين, للحفاظ علي المفهوم الحقيقي للتصوف.
التوريث ليس شرعا ومنهاجا
وعن توريث شيخ الطريقة ابنه من بعده يقول الدكتور علوي أمين- أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر- إن التوريث للتصوف ليس شرعا ولا منهاجا, فشيخ الطريقة يختار بمواصفات معينة وهي أن يكون عالما بالكتاب والسنة وزاهدا ومحبا لكل خلق الله, وهناك فرق بين التصوف والشعوذة, فالصوفي يجب أن تتوافر فيه صفات كثيرة منها: الطهارة والصلاة والتوبة والمحبة والمجاهدة والخلوة والخوف من الله والصدق والإخلاص, أما السبحة الطويلة والبخور فقط فهذه شعوذة وليست من التصوف والإسلام في شيء.
ويضيف الدكتور أمين فإذا توافرت صفات الصوفي الحقيقي في ابن شيخ الطريقة فهو أولي أن يختار خلفا لوالده, وأقرب الناس معرفة بالطريق هم أبناء الطريقة, ومن الممكن أن يضع المجلس الأعلي للطرق الصوفية بعض المواصفات المعينة التي يسترشد بها, وأن يتم عمل اختبارات لتقييم المريد ومعرفة مدي علمه بالقرآن والسنة, وأن تتوفر فيه أيضا صفة رئيسية وهي القدرة علي تربية الأتباع والمريدين, فالتربية العملية التي يقوم بها الشيخ لمريديه هي التي حفظت الإسلام في جميع الدول العربية, وقد دخل الإسلام أوربا وانتشر عن طريق التصوف والذي يتجسد في المعاملة الحسنة والأخلاق الكريمة فالناس تدخل الإسلام بأخلاق المسلمين, ويجب أن يختار شيخ الطريقة بناء علي رغبة مريديها جميعا, ولا يجوز أن يكون ابن الشيخ بعيد عن التصوف ولم يحضر مجلس علم لأبيه ويصبح خلفا له, ويؤكد الدكتور علوي أمين أن أغلبية الطرق الصوفية ملتزمة بتلك المعايير في اختيار شيخها, وأن هناك الكثير منها لا تختار أبناءها, مثل الطريقة البرهانية.
ويناشد الطرق الصوفية أن تعود إلي حيث كانت في بدايتها وأن تنسي الدنيا بعض الوقت, فإذا انشغلت بها بعدت عن التصوف, فالمتصوفة أبعد الناس عن الدنيا إلا بقدر.
الخرافات والبدع تصرفات البعض
وحول الخرافات والبدع التي تسئ للصوفيين, يقول الدكتور محمد فؤاد شاكر- استاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر- أننا لا يجب أن نحكم علي تصرفات بعض من ينتسبون إلي التصوف والذين أساءوا إليه أشد إساءة, كالذين يتخذون من التصوف سبيلا لكسب المال أو يفرضون علي الناس مبالغ مادية تعطي لهم طلبا لبركاتهم, حتي أصبح الأمر يعطينا صورة سيئة لإختلاط الرجال مع النساء في الموالد, وحتي أن بعضهم لا يصلي ولا يهتم بأداء الفرائض إنما همه كله أن يذكر الكرامات, ثم يفسرون القرآن علي هواهم, ولكي نحكم علي هذه التجربة علينا أن نعلم أن هذه الفئة من المؤمنين قال فيهم الإمام الجنيد:( إذا رأيتم الرجل لا يصلي ولا يصوم ولا يتمسك بالكتاب والسنة ويطير في الهواء فهو شيطان), ولكي نعيد للتصوف مفهومه الحقيقي وثقة الناس به علينا أن نبعد الأدعياء الذين يتاجرون بالتصوف والصوفية ويلبسونها ثوبا لا يليق بها بل يشوه صورة التصوف كله ويعطي فرصة لأصحاب الأفكار المتشددة لنقد حركة التصوف والتركيز علي هذه النماذج السيئة وتقديمها للناس علي أن هؤلاء هم الصوفيون, وهؤلاء لا علاقة لهم بجوهر التصوف.
ويؤكد الدكتور محمد فؤاد شاكر أنه يجب أن يعلم هؤلاء الذين لم يقرأوا في كتب التصوف أن أكابر علماء الأمة كانوا من الصوفية, مثل: ثابت البناني الذي أخذ كبار علماء الأمة سند الحديث منه, وابن دقيق العيد الذي يعد من أكابر الصوفية وكان مفتيا علي المذاهب الأربعة, فلا ينبغي أن نطلق الذنب في الجميع بل علينا أن نعلم أن الذي يخرج عن حدود الشرع لا صلة له بالصوفية والتصوف.
ليس كل احتفال بالموالد بدعة
أما الدكتور أحمد كريمة- أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر- فيقول إن الإحتفال بموالد سادتنا الرسل والأنبياء ومن عرف بصلاحه كالأولياء الصالحين من المناسبات المنسوبة إلي الدين, لم يأت في حقها نص بالإعمال أو الإهمال فليست بسنة تتبع أو بدعة تجتنب, وهي تخضع لقاعدة المصلحة, والإمام ابن القيم رحمه الله يقول: حيث كانت المصلحة فثم شرع الله, بمعني أنه إذا كان الهدف أو المقصد بالاحتفال بمولد الرسول صلي الله عليه وسلم, وهذا أمر أجمع عليه العلماء- إلا من شذ- التأسي والإقتداء وذكر المناقب ليس اشتهارا ولا افتخارا ولكن من باب قوله تعالي: وبهداهم اقتده, فهذا من الناحية التربوية والسلوكية أمر محمود, ففي صدر الإسلام كان الشعراء يخلدون سير الأبطال والصالحين في قصائدهم الأدبية والتي عرفت بالمدائح. ويشير الدكتور أحمد كريمة إلي أن ما يصاحب الاحتفال من سلبيات فقل أن يسلم عمل من خطأ, فعلي سبيل المثال في عيدي الفطر والأضحي وهما مشروعان بالإجماع, من الممكن أن يقوم بعض الناس بالإحتفال بهم بطريقة غير لائقة مثل المبالغة في الترويح والإسراف, وقد يستخدمها البعض في الإنحراف وتعاطي المخدرات, ولكن هذه السلبيات لا تؤدي بالقول إلي التحريم والتجريم, ولكن يجب أن نقول الإصلاح والذي يتأتي عن طريق قيام لجان تطوعية من الشباب المسلم الصوفي لمنع المخالفات والمحظورات مثل لعب القمار, أو اختلاط الرجال بالنساء, ووسائل اللهو التي لا تليق, وأن يقتصر الاحتفال بالمولد علي مجالس العلم والأذكار الشرعية, ومن الأفضل عدم الإستعانة بالشرطة ولكن بعمل لجان شعبية من أبناء الطرق الصوفية وهم أفضل من اللجوء إلي الأمن, لأنهم يملكون المعرفة بالتصوف الصحيح وهم الأكثر دراية وقدرة علي التوعية به, أما عن مشاركة النساء في الموالد فالمرأة ليست ممنوعة من الخروج ولكن تشارك في حدود الآداب العامة.
الدعم المالي للطرق يحتاج إلي دعم
وحول الدعم المالي من الدولة للطرق الصوفية, يري الشيخ علاء الدين ماضي أبو العزائم- شيخ الطريقة العزمية- أن الدعم المالي للطرق الصوفية غير كاف لمساعدة الطرق علي القيام بكافة أنشطتها, فهي لا تأخذ إلا نسبة محددة من صناديق النذور تبلغ10% توزع علي سبعين شيخا, وعادة ما تعتمد الطرق علي شيخها ومريديها ماديا فتقيم الموالد بالإشتراكات العينية أو المادية, ويري شيخ الطريقة العزمية أنه يجب تغيير نسبة ال10% في القانون عن طريق المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليجعلها50% من صناديق النذور التي تبلغ حوالي4 ملايين جنيه, ويؤكد علي أن الدعم المالي أمر هام ومطلوب للطرق الصوفية حتي تستطيع أن تقيم مجالس العلم والندوات والمؤتمرات التي تنشر التصوف و تناقش القضايا المجتمعية, ويجب أن يكون هناك دعم من الدولة أيضا للطرق الصوفية لما لها من دور كبير في نشر وسطية الإسلام, وتقوم الطريقة العزمية مثلا بعمل ندوة أو أثنتين علي الأقل شهريا لمناقشة قضايا الساعة والتوعية بالتصوف الحقيقي ونظمت أيضا العديد من المؤتمرات منها, مؤتمر الدور الصوفي في أمن واستقرار المجتمعات, ومؤتمر رد المسلمين علي أوباما الذي اشتركت فيه الطريقة الشهاوية والتيجانية والجازولية والشبراوية.
ويتفق مع الطرح السابق الشيخ أحمد الصاوي- شيخ الطريق الصاوية- مؤكدا علي ضرورة زيادة نسبة ال10% من صناديق النذور لدعم الطرق الصوفية, لأنها الأولي بذلك فصناديق النذور بجوار أضرحة آل البيت والأولياء والصالحين وهم أهل ومشايخ الطرق الصوفية, فعلي سبيل المثال صندوق النذور الخاص بسيدي أحمد البدوي أحق الناس بنقود هذا الصندوق هم أتباع طريقته أولا ثم باقي الطرق الصوفية, وأيضا أن تقوم الدولة بتزويد دعم الطرق الصوفية من الموازنة العامة للدولة حتي تستطيع أن تقوم بنشاطها مثل أصحاب التيارات الأخري, للحفاظ علي وسطية الإسلام ونشر التصوف داخل المجتمع, فهي تحتاج لإقامة المؤتمرات والندوات والتي تحتاج لمبالغ مالية كبيرة تعجز عن الوفاء بها لقلة الدعم المادي المقدم لها.
إعادة بناء الطرق الصوفية
حول كيفية إعادة بناء الطرق الصوفية لتقوم بدورها الصحيح في المجتمع, يقول الدكتور محمد محمود أحمد هاشم- عميد كلية أصول الدين والدعوة بالزقازيق- إن العلم في الإسلام هو الأساس التي قامت عليه رسالة الإسلام, لذلك حرص الصوفية الأوائل علي العلم والعبادة معا, فنجد كبار علماء الإسلام الذين تتلمذ علي يديهم الجميع كانوا صوفية, وقد دخل الرسول صلي الله عليه وسلم مسجده ذات يوم فوجد حلقة علم وحلقة ذكر فقال: كلا المجلسين عمل خير وجلس في مجلس العلم وقال: إنما بعثت معلما, فالتصوف علم وجهاد وعبادة وسلوك وإلتزام بمنهج الرسول صلي الله عليه وسلم والصحابة والتابعين, ويجب علي المجلس الأعلي للطرق الصوفية أن يعيد هذه المفاهيم التي قد تكون غابت عن أذهان بعض الطرق الصوفية, ونشر سيرة علماء الصوفية ليكونوا منارات لنا نعتمد عليها في كافة المجالات من فقه وتفسير وفي تناول القضايا المجتمعية أيضا, فالتصوف ليس إنعزالا عن الدنيا وليس تمسكا ببعض الخزعبلات التي لا تمت إليه بصلة.
ويؤكد الدكتور هاشم علي أن إعادة بناء الطرق الصوفية يحتاج لعدة مراحل: أولا, نشر الفكر الصوفي بين أبناء الطرق الصوفية عن طريق شيخ الطريقة, ثانيا: أن يصدر المجلس الأعلي للطرق الصوفية والمشيخة العامة للطرق الصوفية دوريات( عدة مؤلفات بصورة منتظمة) لتبين للمجتمع أساس التصوف, وتعد هذه أيضا دعوة للمجتمع للعودة لمفهوم الأخلاق فالتصوف هو الخلق, ثالثا: نبذ الخلافات بين الطرق والتي تؤدي إلي ضياع الرسالة الأساسية للطرق الصوفية وهي الحفاظ علي وسطية الإسلام, ونحن الآن في حاجة ماسة إلي الإلتزام بالتصوف.
أما فضيلة الشيخ محمود عاشور- عضو مجمع البحوث الإسلامية- فيقول أنه يجب أن يعيش الصوفي حياة مليئة بالحب والرحمة والإيمان بالله وان يلتقي مع الناس بهذه الأخلاق, وبهذا نستطيع أن نجمع مجموعة كبيرة من الناس لينشروا هذه الأخلاق بين الناس, و الرسول صلي الله عليه وسلم يقول:( خير الناس أنفعهم للناس), ويقول أيضا:( والله لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه), فيجب علي أبناء الطرق الصوفية نبذ الأحقاد وحب الدنيا لنعيش حياة تمثل الصفاء النفسي والوجداني لله سبحانه وتعالي.
تنقية التصوف من الشوائب
وعن الخطوات التي يمكن اتباعها لتنقية المنهج الصوفي من الشوائب العالقة به, يؤكد الدكتور سالم مرة- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- علي أنه توجد قاعدة ثابتة في الفقه الإسلامي وهي أنه إذا خالف الإنسان الكتاب والسنة وما عليه السلف الصالح فليس بصوفي, ومن هنا انحرف المسار بالصوفية إلي أن أصبح كثير من الناس لا يعلمون شيئا عن الكتاب والسنة وينسبون أنفسهم إلي التصوف وصارت فرق شتي ربما وقع التناحر بينها لعدم معرفتها بحدود التصوف, فالتصوف يقف عند قوله تعالي: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولافسادا والعاقبة للمتقين, ولكي نعود بالتصوف إلي المسار الصحيح الذي كان عليه الرعيل الأول فلابد من إلتزام بعض الأمور منها أنه لابد لمن يريد معرفة التصوف أن يدرسه أو أن يلازم شيخا عارفا يأخذ بيده إلي المسالك التي تخلصه من الوقوع في حب الدنيا, لأن الدارس لابد له من شيخ محقق مرشد قد فرغ من تأديب نفسه وتخلص من هواه, ولا بد للقائمين والمهتمين بأمر التصوف من تنقية الكتب المتعلقة بهذا العلم علي يد كبار العلماء والشيوخ, وتدعيم المعاهد والمدارس التي تقوم علي تدريس التصوف بالعلماء العارفين ماديا ومعنويا, وتشجيع الطلاب علي تعلم التصوف, فالواقع الآن به فريقان, فريق ضد التصوف كاملا بل قد يصل بعضهم إلي تكفيره, وهذا لعدم معرفته بمسائل التصوف فيظن أن ذلك دربا من الخيال, مع أن التصوف يرقي بالإنسان في درجات السلوك الرفيع إلي درجة يفهم الأمور فيها فهما صحيحا, يقول الإمام مالك رضي الله عنه: من تصوف ولم يتفقه( أي يتعلم أحكام الفقه والشريعة) فقد تزندق( وهي درب من دروب الجهل والكفر), ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق, فأحيانا تكون هناك بعض الأشياء لا يأمر بها الشرع في ظاهره, ولذلك يقول الإمام الشاطبي رضي الله عنه حينما دخل عليه رجل فسأله عن القدر الواجب في زكاة المال, فقال له: علي مذهبكم أم علي مذهبنا, فتعجب السائل وقال له: ألكم مذهب ولنا مذهب؟ قال: نعم, فقال الرجل: أفتني علي مذهبنا, قال: إذا بلغ المال النصاب وحال عليه الحول ففيه ربع العشر فهذا حكم الشريعة, فسأل الرجل وعلي مذهبكم؟ قال الشاطبي: العبد وما ملكت يداه لسيده, والأمر الثالث في مسار إصلاح التصوف ليعلم الجميع أن التصوف طريق من طرق الإصلاح الإجتماعي لأنه يسمي علم الأخلاق فهو يبني علي التسامح والصفو والعفو والمحبه لله تعالي, والمجتمعات التي بها علماء تصوف ويجمعون الناس حولهم تقل فيها المشاكل والجرائم.

السبت، 17 سبتمبر 2011

سيبويه

اسمه ومولده
كتاب الكتاب  عمرو بن عثمان بن قنبر

كتاب الكتاب عمرو بن عثمان بن قنبر هو عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، أبو بشر، إمام النحاة، حُجَّة العرب، وأول من بسط علم النحو، وصاحب (الكتاب) حجة العربية ودستورها، وهو فارسي الأصل[1]. وُلِد عام أربعين ومائة من الهجرة (140هـ) على الأرجح[2]، وذلك في مدينة البيضاء من أرض فارس، وهي أكبر مدينة في إِصْطَخْر على بُعد ثمانية فراسخ من شيراز[3]. قَدِم البصرة وهو غلام صغير، فكان منشؤه بها[4].
 نشأته وحياته
من أرض فارس قدم سيبويه إلى البصرة، حيث مراكز العلم ومنابر العلوم، وقد كان شابًّا حسنًا، جميلاً نظيفًا، مفرط الذكاء إلا أنه كان فيه حُبْسة في عبارته.
ومع حداثة سنِّه فقد انطلق يصحب أهل الحديث والفقهاء حيث ميله ومراده، فكان يستملي على حمَّاد بن سلمة في حلقته ليكتب الحديث ويرويه، ويشاء الله أن يكون لغير ما طلب وما أراد أولاً؛ فقد سأل يومًا حماد بن سلمة فقال له: أحدَّثك هشام بن عروة عن أبيه في رجلٍ رعُف في الصلاة، بضم العين؟ فقال له حماد: أخطأت، إنما هو رعَف بفتح العين. فانصرف سيبويه إلى الخليل، فشكا إليه ما لقيه من حماد. فقال له الخليل: صدق حماد! ومثل حماد يقول هذا. ورعف بضم العين لغة ضعيفة[5].
ثم يتكرر الموقف مرة أخرى، فبينما هو يستملي على حماد قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أحد من أصحابي إلا وقد أخذتُ عليه ليس أبا الدرداء". فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء بالرفع. وقد خمَّنه اسم ليس. فقال له حماد: لحنت يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبت، إنما (ليس) ها هنا استثناء. فكان أن أَنِف سيبويه من ذلك وقد أخذ قراره، فقال: لا جرم لأطلبَنَّ علمًا لا تلحنني فيه أبدًا. فطلب النحو، ولزم الخليل[6].
شيوخه
من أشهر شيوخه حماد بن سلمة، وبعد قراره الأخير هذا عمد سيبويه إلى إمام العربية وشيخها الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ لينهل ويتعلم منه عن حبٍّ وعزيمة وقوة إرادة، فصار يلازمه كالظلِّ حتى لقد بدا تأثره الكبير بشيخه هذا على طول صفحات كتابه الوحيد وعرضه في رواياته عنه، واستشهاداته به.
ولم يكتف سيبويه بشيخه الخليل بن أحمد في علوم النحو والعربية، بل إنه استزاد من ذلك شأن أقرانه في ذلك الوقت، فتتلمذ أيضًا على يد أبي الخطاب المعروف بالأخفش الأكبر، وعيسى بن عمر، ويونس بن حبيب، وأبي زيد الأنصاري النحوي، وغيرهم[7].
تلامذته
لأن القدر لم يمهله طويلاً حيث تُوُفِّي في ريعان شبابه، فلم يكن لسيبويه تلاميذ كثيرون، وكان من أبرز من تتلمذوا على يديه ونَجَم عنه من أصحابه: أبو الحسن الأخفش، وهو الأخفش الأوسط أبو الحسن سعيد بن مسعدة، وقُطْرب وهو أبو عليٍّ محمد بن المستنير، ويقال: إنه إنما سمِّي قطربًا لأن سيبويه كان يخرج فيراه بالأسحار على بابه، فيقول له: إنما أنت قطرب ليل. والقُطْرب: دويبة لا تزال تدبُّ، ولا تفتر[8].
وقال أبو العباس المبرد: "كان الأخفش أكبر سنًّا من سيبويه، وكانا جميعًا يطلبان. قال: فجاءه الأخفش يناظره بعد أن برع، فقال له الأخفش: إنما ناظرتك لأستفيد لا لغيره. فقال له سيبويه: أتراني أشكُّ في هذا"[9].
آراء العلماء فيه
قال عنه ابن عائشة: "كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد، وكان شابًّا جميلاً نظيفًا، قد تعلق من كل علم بسببٍ، وضرب في كل أدب بسهمٍ، مع حداثة سنِّه وبراعته في النحو"[10].
 وحدَّث أحمد بن معاوية بن بكر العليمي، قال: "ذُكر سيبويه عند أبي، فقال: عمرو بن عثمان قد رأيته وكان حدث السن، كنت أسمع في ذلك العصر أنه أثبتُ مَن حمل عن الخليل، وقد سمعته يتكلم ويناظر في النحو، وكانت في لسانه حُبْسة، ونظرتُ في كتابه فرأيت علمه أبلغَ من لسانه"[11].
آراء العلماء في مؤلفاته
ذكر صاعد بن أحمد الجياني من أهل الأندلس في كتابه (طبقات الأمم) قال: "لا أعرف كتابًا أُلِّف في علم من العلوم قديمها وحديثها فاشتمل على جميع ذلك العلم، وأحاط بأجزاء ذلك الفن غير ثلاثة كتب، أحدها: المجسطي لبطليموس في علم هيئة الأفلاك، والثاني: كتاب أرسطوطاليس في علم المنطق، والثالث: كتاب سيبويه البصري النحوي؛ فإن كل واحد من هذه لم يشذّ عنه من أصول فنِّه شيء إلا ما لا خطر له"[12].
وقال أبو جعفر: "لم يزل أهل العربية يفضلون كتاب سيبويه"[13]. وقال محمد بن يزيد‏:‏ ‏"لم يُعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه؛ وذلك أن الكتب المصنَّفة في العلوم مضطرة إلى غيرها، وكتاب سيبويه لا يحتاج مَنْ فَهِمَه إلى غيره‏"[14].
منهج سيبويه في الكتاب

الكتاب يقع في أكثر من تسعمائة وعشرين صفحة، وقد جرى التقسيم فيه إلى أبواب، ولا نجد فيه كتبًا ولا فصولاً، وسيبويه يُكثِر من الأبواب للمبحث الواحد بحسب تنوع ما يجري فيه البحث.
ويقع الكتاب في جزأين: الأول في مباحث النحو، والثاني في مباحث الممنوع من الصرف ومباحث النسب والإضافة ومباحث التصغير وبقية مباحث التصريف، ويحوي إلى مباحث الصرف والنحو مباحث العربية عامة؛ ففيه المجاز والمعاني وضرورات الشعر وإنشاده وتعريب الكلمات الأعجمية، وفيه أيضًا قدر وافٍ من مباحث الأصوات العربية[15].
وفاته

أغلب الظن أن وفاة سيبويه لم تكن طبيعية؛ فإنه حين علم (بعد مناظرة الكسائي) أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي، خرج من بغداد وقد حمل في نفسه لما جرى عليه، وقصد بلاد فارس ولم يعرج على البصرة، وأقام هنالك مدةً إلى أن مات كمدًا، ويُروى أنه ذَرِبتْ معدته فمات. وفي مكان وفاته والسنة التي مات بها خلافٌ عريض، والراجح من الأقوال أن ذلك كان في سنة ثمانين ومائة من الهجرة (180هـ)[16].
وذكر الخطيب أن عمره كان اثنتين وثلاثين سنة، ويقال: إنه نَيَّف على الأربعين سنة. وهو الصحيح؛ لأنه قد روى عن عيسى بن عمر، وعيسى بن عمر مات سنة تسع وأربعين ومائة، فمن وفاة عيسى إلى وفاة سيبويه إحدى وثلاثين سنة، وما يكون قد أخذ عنه إلا وهو يعقل، ولا يعقل حتى يكون بالغًا، والله أعلم[17].
وفي مرضه الذي تُوُفِّي فيه، قيل إنه تمثَّل عند الموت بهذين البيتين:

يُؤَمِّل دنيا لتبقي لـه *** فمات المؤمِّـلُ قبل الأمـلْ

حثيثًا يروِّي أصولَ النخيل *** فعاش الفسيلُ ومات الرجلْ[18]
ويقال: إنه لما احتضر وضع رأسه في حجر أخيه، فدمعت عين أخيه، فاستفاق فرآه يبكي فقال:

أخيين كنَّا فَرَّق الدهرُ بيننا *** إلى الأمدِ الأقصى ومن يأمنُ الدهرا[19]
 وقال الأصمعي: قرأت على قبر سيبويه بشيراز هذه الأبيات، وهي لسليمان بن يزيد العدوي:

ذهب الأحبة بعد طول تـزاورٍ *** ونأى المزار فأسلمـوك وأقشعـوا

تركوك أوحش ما تكونُ بقفـرة *** لم يؤنسوك وكـربة لم يدفعـوا

قَضَى القضاءُ وصرتَ صاحبَ حفرةٍ *** عنك الأحبة أعرضوا وتصدَّعوا[20].

الاثنين، 12 سبتمبر 2011

في ذكري القعقاع بن عمرو بقلم السعيد البواب


في ذكري القعقاع بن عمرو
يقول الله عز وجل " من المءمنين رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه  فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر  وما بدلوا تبديلا "
ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم (اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )
ومن هؤلاء الابرار  القعقاع بن عمرو التميمي  بطل معارك (نهاوند) والذي قال فيه  ابو بكر الصديق  رضي الله عنه ( لا يهزم جيش فيه القعقاع بن عمر )وقال لخالد ( ارسلت اليك رجلا  بالف وهو القعقاع  بن عمرو  وقد اسلم مع وفد بني تميم هو وابوه واخوه  وقد اشترك في ( بدر واحد واليرموك و القادسية  والعراق والشام ومصر  واقام بمصر بعد فتح ( البهنسا (تانيس ) فقال له عمرو بن العاص ( طبت وطابت منزلتك يا قعقاع فسميت المنزلة  بدلا من تانيس  وذلك في ربيع الاول سنة 21ه وبني اول مسجد ويسمي بالمسجد العمري  وقد اقام بالمنزلة  ودفن في حجرته علي شاطئ البحيرة  وهي قبره الان  وقد جدد المسجد  الشيخ سويدان سليمان سنة 1342 هجرية  ثم اعيد تجديده بجهود اهل المنزلة ثم ضم للمساجد التابعه لوزارة الاوقاف
ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم
( ما من احد من اصحابي  يموت بارض الا بعث قائدا لهم ونورا يوم القيامة ) وتوفي القعقاع عام 40 هجرية  رحم الله تعالي القعقاع وال البيت والصحابه والتابعين جميعا  وكل احباب المصطفي  والمتمسكين بشريعته  ومنهاجه عليه الصلاه والسلام .
وفي مولده قدم تحية الشعر للقعقاع فاقول
ذكراك يا قعقاع  ** ضياء الروح والفكر
واصحاب محمد نور** وقدوه راغب النصر
وفي التوراه ذكرهم ** وفي الانجيل عزي الخير
كألف انت لا تهزم ** قوي القعقاع اذ تسري
فرس ورومان بادوا ** ونهاوند عبره الدهر
طبت وطابت منزلة ** بها القعقاع كالبدر
يبارك عمرو لقعقاع ** ويبني مسجد الذكر
خلود الذكر جائزة ** لقعقاع مدي العمر
دعاء سعيد لكم دوما ** احبه احمد القدر
رجال الصدق زكاهم ** اله الكون في فخر
واعظم امه كانت ** تزيح معاقل الكفر
تحرر عالما تبني ** صروح العدل والنصر
سلام الله قعقاع ** دعاء القلب والفكر

بقلم السعيد السعيد البواب من بني شيبة حمله مفتاح الكعبه ليسانس شريعه وقانون دراسات عليا حقوق عين شمس مدرس بمدرسة الفريق عزيز المصري بالقاهرة  من المنزلة دقهلية شارع السلاموني 

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

القعقاع بن عمرو التميمي

ظهرت ملامح شخصيته بوضوح شديد في الفتوحات فقد كان شجاعاً مقداماً ثابتاً في أرض المعارك وبجوار شجاعته وشدة باسه على أعداء الله كان من شديد الذكاء وذا عبقرية عسكرية في إدارة المعارك ويظهر ذلك في موقعة القادسية. بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم: للقعقاع مواقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يخاطب من أمامه بما يحب أو مما يؤثر في نفسه ولما كان حديثه مع القعقاع وهو رجل يحب الجهاد يكلمه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإعداد للجهاد فيقول سيف عن عمرو بن تمام عن أبيه عن القعقاع بن عمرو قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- : ما أعددت للجهاد؟ قلت: طاعة الله ورسوله والخيل قال: تلك الغاية .
آثره في الأخرين (دعوته ـ تعليمه): لقد كان للقعقاع أثرأ كبيرأ في نفوس الأخرين ففي اليوم الثاني من معركة القادسية أصبح القوم وفي أثناء ذلك طلعت نواصي الخيل قادمة من الشام وكان في مقدمتها هاشم بن عتبة بن أبي وقاص والقعقاع بن عمرو التميمي، وقسم القعقاع جيشه إلى أعشار وهم ألف فارس ، وانطلق أول عشرة ومعهم القعقاع ، فلما وصلوا تبعتهم العشرة الثانية ، وهكذا حتى تكامل وصولهم في المساء ، فألقى بهذا الرعب في قلوب الفرس ، فقد ظنوا أن مائة ألف قد وصلوا من الشام ، فهبطت هممهم ، ونازل القعقاع( بهمن جاذويه ) أول وصوله فقتله ، ، ولم يقاتل الفرس بالفيلة في هذا اليوم لأن توابيتها قد تكسرت بالأمس فاشتغلوا هذا اليوم بإصلاحها ، وألبس بعض المسلمين إبلهم فهي مجللة مبرقعة ، وأمرهم القعقاع أن يحملوا على خيل الفرس يتشبهون بها بالفيلة ، ففعلوا بهم هذا اليوم ، وبات القعقاع لاينام ، فجعل يسرب أصحابه إلى المكان الذي فارقهم فيه بالأمس ، وقال : إذا طلعت الشمس فأقبلوا مائة مائة ، ففعلوا ذلك في الصباح ، فزاد ذلك في هبوط معنويات الفرس. وابتدأ القتال في الصباح في هذا اليوم الثالث وسمي يوم عمواس ، والفرس قد أصلحوا التوابيت ، فأقبلت الفيلة يحميها الرجالة فنفرت الخيل ، ورأ ى سعد الفيلة عادت لفعلها يوم أرماث فقال لعاصم بن عمرو والقعقاع : اكفياني الفيل الأبيض ، وقال لحمال والربيل : اكفياني الفيل الأجرب ،فأخذ الأولان رمحين وتقدما نحو الفيل الأبيض فوضعا رمحيهما في عيني الفيل الأبيض ، فنفض رأسه وطرح ساسته ، ودلى مشفره فضربه القعقاع فوقع لجنبه ، وفي هذه الليلة حمل القعقاع وأخوه عاصم والجيش على الفرس بعد صلاة العشاء ، فكان القتال حتى الصباح ، فلم ينم الناس تلك الليلة ، وكان القعقاع محور المعركة. فلما جاءت الظهيرة وأرسل الله ريحاً هوت بسرير رستم ، وعلاه الغبار، ووصل القعقاع إلى السرير فلم يجد رستم الذي هرب.
ما قيل عنه: ـ لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل " ..أبو بكر..
ـ كتب عمر بن الخطاب الي سعد :( أي فارس أيام القادسية كان أفرس ؟ وأي رجل كان أرجل ؟ وأي راكب كان أثبت ؟) فكتب إليه :( لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو ! حمل في يوم ثلاثين حملة ، ويقتل في كل حملة كمِيّاً ..
شهد القعقاع اليرموك، فقد كان على كُرْدوسٍ من كراديس أهل العراق يوم اليرموك وكان للقعقاع في كل موقعة شعر فقد قال يوم اليرموك:


ألَمْ تَرَنَا على اليرموك فُزنا
كما فُزنـا بأيام العراق
فتحنا قبلها بُصـرى وكانتْ
محرّمة الجناب لدَى البُعاق
وعذراءُ المدائـن قد فتحنا
ومَرْجَ الصُّفَّرين على العِتَاقِ
فضضنا جمعَهم لمّا استحالوا
على الواقوص بالبتر الرّقاقِ
قتلنا الروم حتى ما تُساوي
على اليرموك ثفْروق الوِراقِ