الجمعة، 24 يونيو 2011

الشئون الدينية والوحدة الوطنية

من الثوابت التاريخية أن للدين دورا جوهريا في بناء الشخصية الإنسانية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة، وهو المحرك الفعال في توجيه السلوك نحو تحقيق الأهداف والمصالح الإنسانية المُثلي التي أتي الدين ليربي الناس عليها.
والإسلام منهج لجميع نواحي الحياة، فهو يعالج الجوانب الروحية والمادية  كما أنه دين الحرية والعدالة والإخاء والمساواة الإنسانية كما أنه دين التضامن والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع دون تفرقة، كما يحث الإسلام علي العلم والتنمية الشاملة والمستدامة، وقد اعترف الإسلام بما سبقه من أديان وأقر للمؤمنين بها حرية الاعتقاد وحرمة دور العبادة وأقر بحقوقهم فى التحاكم إلى شرائعهم فى شئونهم الخاصة، كما اختصهم بمعاملة تقوم علي البر والقسط وأكد على قيمة الوحدة الوطنية، ولذلك فإن من مسئولية الحكومة وضع السياسات اللازمة لتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية التى تستند على عقيدة الأغلبية الشعبية، وإقامة المؤسسات والهيئات اللازمة لتحقيق كل ذلك في المجتمع، في إطار متناسق متكامل، ومن أهمها المؤسسات التعليمية الدينية، وكذلك هيئات البر والخير .
أولاً:  دور مؤسسة الأزهر:
إن الأزهر الشريف مؤسسة فريدة في مصر والعالم الإسلامي؛ فقد قامت علي دراسة ونشر علوم القرآن والشريعة الإسلامية واللغة

الجمعة، 17 يونيو 2011

الإسراء والمعراج‏..‏ التقاء الغيب وعالم الشهادة‏ للدكتور علي جمعه

لم تكن رحلة الإسراء والمعراج معجزة منتهية المفعول‏, محددة الزمان والمكان‏,‏ بل مازالت ماثلة أمامنا بما احتوته من أحداث وعبر‏,‏ كما أنها مازالت منهلا عذبا تستفيد منه الأمة في معالجة قضاياها الراهنة اقتداء بالحبيب المصطفى والرسول المجتبى صلى الله عليه وسلم‏.
‏ومعجزة الإسراء والمعراج علم غيب جعله الله شهادة لرسوله صلى الله عليه وسلم‏,‏ فكان الغيب مرئيا مشاهدا في عين وبصر النبي صلى الله عليه وسلم غيب تراه عينه‏,‏ ويدركه عقله‏,‏ ويستنير به فهمه‏,‏ ويستوعبه قلبه‏,‏ وتعيه مدركاته لتعلم الخلائق جمعاء أنه في أعلى مراتب الإيمان واليقين‏.
فالرحلة التي قام بها صلى الله عليه وسلم‏ في إسرائه إلى بيت المقدس‏,‏ ثم معراجه إلى ما فوق السماوات السبع لينتهي به المطاف عند سدرة لينتهي في دقائق معدودة ليعود فيجد فراشه مازال دافئا‏,‏ كل هذا أمر لم يتكرر مرة أخرى مع بشر‏,‏ وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى تميز هذه الحادثة عن بقية التاريخ الإنساني جملة وتفصيلا‏.

بـيــضة الفـيــل / لزكي نجيب محمود

قال الشيخ : الفيلة تلد ولا تبيض، والمشكلة المراد حلها هى هذه: لو كانت الفيلة لتبيض، فماذا يكون لون بيضتها؟.
فى الجواب عن هذا السؤال اختلف العلماء، يقول عمارة بن الحارث بن عمار: تكون بيضاء، واستدل على صحة قوله بدليل القياس، ودليل من اللغة. اما دليل القياس، فهو ان كافة مخلوقات الله التى تبيض بيضها ابيض، وليس فى طبيعة الفيل ما يدل على انه لو باض اخذت بيضته لونا آخر غير البياض. فإذا اختلف الفيل عن غيره من الحيوان فذلك فى حجمه وقوته ونابه. وهذه صفات تستلزم فى البيضة لونا آخر غير البياض، فقد يكون الحيوان صغيرا كالذبابة، او كبيرا كالنعامة، أو قويا كالعقاب، أو ضعيفا كالحمامة، أو بناب كالتمساح، او بغيره كالدجاجة. والبيضة هى هى فى لونها، بيضاء لا تتغير. ومما يزيد هذه الحجة وزناً ورجحاناً أن الخلائق تجري على اطراد وتشابه. فالكواكب متشابهة، والبحار متشابهة، والطير متشابه، والحيوان متشابه. فلو قيل ـ مثلاـ ان حيوانا جديدا سيولد بعد الف عام، جاز لنا ان نحكم فى ترجيحٍ يقرب من اليقين، بأنه سيكون ذا اذنين وانف واحد وعينين. وعلى هذا القياس نفسه نحكم بالبياض على الفيل لو باض.
اما دليل اللغة فهو ان البيضة مشتقة من البياض، واذن فالبياض أصل والبيضة فرع عنه ، ولا يعقل ان يتفرع عن البياض خضرة او زرقة، لان الفرع شبيه دائما بأصله. ولذلك قيل: هذا الشبل من ذاك الاسد!.
ثم استطرد عمارة فتساءل عن حجم بيضة الفيل. فساق الادلة على انه لو باض ستكون بيضته قدر بيضة النعامة عشرين مرة..
ثم تساءل عمارة ايضا:هل كانت طبيعة الفيل لتتغير لو باض؟ فيكون ذا جناحين ليتخذ طبيعة الطير ؟. وأجاب بأنه ليس فى نواميس الكون مايستلزم هذا الانقلاب فى طبيعته، فالسمك يخرج من البيض وليس له اجنحة، بل له زعانف تساعده على السبح، ولا تساعده على الطيران، وبيض الفراش والذباب وما الى ذلك يخرج منه الدود ولا يخرج منه ذوات الجناح، واذن فقد يخرج من بيضة الفيل فيل ذو اربع قوائم وليس له جناح.
وأخيرا تساءل عمارة : ما حكم الشرع فى بيضة الفيل؟ أيحل أكلها للمسليمن أم يحرم عليهم؟. وهنا كذلك اجاب بدقته المعهودة: ان بيضة الفيل حلال اكلها بشرط ، حرام بشرط. فهى حلال اذا كانت لا تكسب الانسان الآكل صفة الافتراس، وهى حرام اذا خيف ان تكسبه هذه الصفة. وانما يكون الآكل بمنجى من عدوى الافتراس، ولو كان الفيل البائض هو الجيل العاشر من سلسلة اجيال استأنسها الانسان.
مثل هذه الدقه العقلية والبراعة الذهنية اثار عمارة بن الحارث هذه المسائل عن بيضة الفيل واجاب عنها ، ولا عجب فهو الفقيه العالم الذى سارت بفتاويه الركبان ، فيما تعذر حلُّه على غيره من العلماء.
وتصدى معسرة بن المنذر لتفنيد ما قاله عمارة بن الحارث فى بيضة الفيل من حيث لونها فقال عن دليل القياس الذى ساقه عمارة بن الحارث بأن كافة الحيوان الذى يبيض بيضه ابيض ، ولذلك فبيضة الفيل لابد ان تكون بيضاء اطرادا مع القاعدة ، انه دليل لا يقوم على سند من الواقع . فليس صحيحا ان كافة الحيوان الذى يبيض بيضه ابيض ، فبيض البط فيه خضرة خفيفة، ومن الطير ما بيضه ارقط، ومنه ما بيضه ازرق. واما دليل اللغة الذى ينبنى على ان البيضة مشتقة من البياض لذلك وجب ان تكون بيضاء، فهو استنتاج معكوس ومغلوط فى آن معا: معكوس لاننا حتى لو فرضنا ان البيضة مشتقة من البياض، فليس هذا دليلا على ان البيضة بيضاء لانها بيضة، بل هو دليل على انها بيضة بيضاء ، ولتوضيح المعنى المراد، ضرب معسرة مثال الدقيق والخبز. فالدقيق اصل والخبز فرع، فإن جاز لنا ان نقول انه خبز لانه من دقيق ، فلا يجوز ان نقول انه من دقيق لانه خبز. والدليل مغلوط – لأننا حتى وان رتبنا مراحل الاستنتاج ترتيبا صحيحا ، وقلنا ان البيضة بيضة لانها بيضاء ، كانت النتيجة خطأ لانه لا يكفى ان يكون الشئ أبيض لنحكم عليه بأنه بيضة، وإلا جاز لنا ان نقول ان هذا الجدار بيضة لانه ابيض ، وهذا الدقيق بيضة لانه ابيض وهلم جرا .
وبعد ان فنَّد معسرة اقوال عمارة، بسط رأيه فى لون بيضة الفيل، فقال ان الفيل حيوان فيه شذوذ عن مستوى الحيوان، والشذوذ فى البيض ان يكون اسود، ولذلك فإن كان الفيل ليبيض ، وجب ان تكون بيضته سوداء ، اذ لو باض بيضة بيضاء ، كنا بمثابه من يقول ان الحيوان الشاذ تتفرع عنه نتيجة لا شذوذ فيها، وهو قول فيه تناقض بين الصدر والعجز .

وكان بين تلاميذ ابن الحارث تلميذ نجيب، فتصدى للرد على نقد معسرة – وهو شيخ المناطقة فى زمانه – فقال: لقد زل زلة ما كان ينبغى ان يقع فى مثلها رجل مثله، فبينما هو ينكر ان يكون للبيض لون خاص ، يزعم ان من البيض ما هو ازرق أو أرقط ، تراه فى الوقت نفسه يقول انه ما دام الفيل حيوانا شاذا ، وجب ان يكون بيضه شاذا فى لونه كذلك ، والشذوذ فى البيض ان يكون اسود، فكيف يكون الشذوذ سوادا اذا لم تكن القاعدة بياضا؟، هذا من جهة، ومن جهة اخرى نحن نسأل هذا العلامة المنطقى : أصحيح ان الشاذ لا ينتج إلا شاذا؟ أيظن معسرة انه ما دامت الحية لا تلد إلا حية ، فالاعرج لا يلد إلا الأعرج؟ والاعمى لا يلد إلا الاعمى؟ فإن كان الاعرج ينسل من يمشى على قدميه ، لما نسل من الاعمى من يبصر بعينيه ، فلماذا لا يبيض الحيوان الشاذ بيضة تجري مع الإلف والعادة؟.
قال الشيخ : هكذا جرى النقاش بين العلماء....
وهنا زلزت الارض زلزالها، وقال الشيخ: مالها؟!
فقيل : انها يا مولانا قنبلة ذرية، فى لمحة تقضى على الاصل والذرية!
قيل : فعجب الشيخ أن يكون فى الدنيا علم غير علمه.

ملاحظة: عمارة ومعسرة.. اسماء وهمية بالطبع!

الجمعة، 10 يونيو 2011

حق التظاهر ... بين الفكر الدستوري والقانوني والشريعة

أدرجت قواعد القانون الطبيعي حق التعبير بكل مظاهره، بما فيها التظاهر والاعتصام كإحدى ثوابت الحقوق، اللصيقة بالإنسان، المعبرة عن الفلسفة التنويرية التي تتضمن وتشمل مفاهيم القانون الطبيعي، وحق تقرير المصير، ومن أعلام هذا التوجه نُشير إلى الفيلسوف البريطاني "جون لوك"، الذي أكد في مؤلفه الثاني عن الحكومة "فكرة الحكومة بالتوافق أو الاتفاق"، وأن الكائن البشري يتمتع بحقوق طبيعية منها حق التعبير؛ وبالتالي حق التظاهر والاعتصام، وهو حق لصيق بالإنسان تمامًا، كما حق الزواج والتنقل والاجتماع، وغيرها من الحقوق التي تزاوج وتلامس شخص الفرد وحريته في التحرك والتعبير، بحيث يقتضي أن لا تُقيَّد إلا بالقدر الذي يسمح بتنظيمها؛ لضمان وتأمين ممارستها من قِبل الغير بالذات.

الشيخ شلتوت.. صاحب الإسلام عقيدة وشريعة

«اذكروا لشعبكم مأساة فلسطين وحاربوا التفرقة العنصرية وبلغوا حكومتكم ما قلته لكم مما رأيت من جياع ومشردين سلبوا أوطانهم وحرموا حق الحياة الكريمة، قولوا لبلدكم بلد الحرية: حرام أن يظل هؤلاء علي هذه الحال والعدو سادر في غيه بلا رادع ولا وازع من ضمير».
هذا ما قاله الشيخ محمود شلتوت عندما التقي وفداً من أساتذة الجامعات الأمريكية، كاشفاً عن شخصية ثورية لا تخاف في الله لومة لائم.
والشيخ محمود شلتوت..

الخميس، 2 يونيو 2011

محاور بناء المجتمع بقلم على جمعة

قال النبى صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن ماجة فى سننه: «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك»، فتركنا صلى الله عليه وسلم ومعنا كتاب الله وسنته الشريفة، وهما كنزان من الكنوز، فقال فيما أخرجه الإمام أحمد فى مسنده: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا: كتاب الله وسنتى»، وقد حفظ الله تعالى الكتاب من التحريف، وأقام المسلمين فى حفظه، ووفقهم إلى ذلك من غير حولٍ منهم ولا قوة، وعلَّمهم العلوم التى توثق النص الشريف، فنُقل إلينا القرآن الكريم غضاً طرياً على مستوى الأداء الصوتى لأى حرف من حروفه، وكذلك السنة نُقلت إلينا خالية من التحريف بعدما قام العلماء المسلمون بوضع ما يصل إلى عشرين علمًا للحفاظ عليها كعلم الرجال والجرح والتعديل ومصطلح الحديث والدراية والرواية والشرح، وغير ذلك من العلوم التى حافظت على سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.