الجمعة، 12 أكتوبر 2012

النبى المصطفى شمس حضارة الإسلام: نسبه الشريف ونشأته بقلم د. على جمعة


من عناصر معرفة النبى صلى الله عليه وسلم معرفة نسبه الشريف ونشأته الكريمة، ولطهارة الأصل وعراقة النسب مكانة كبيرة فى حياة الإنسان وقدره، إلا أن ذلك النسب لا يمنح الرجل الخامل ذكراً أو شرفاً، لكن اجتماعه لمن اتصف بحميد الخلق، واكتسى بالهيبة، وتزين بالعقل والحلم، يزيده قدراً وشرفاً، وفى الحقيقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى زاد النسب شرفاً، فهو:
محمد بن عبدالله، بن عبدالمطلب، بن هاشم بن عبد مناف، بن قصى، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤى، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نذار، بن معد، بن عدنان. إلى هنا معلوم الصحة. وما فوق عدنان مختلف فيه. ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل وإسماعيل هو الذبيح على الصحيح، فإبراهيم عليه السلام هو الجد الثامن والعشرون تقريباً له صلى الله عليه وسلم.

أما عن مولده الشريف فولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل الموافق ٢٠ إبريل سنة ٥٧١ ميلادية، يعنى فى أواخر القرن السادس الميلادى.
واختلف المؤرخون فى وفاة أبيه عبدالله هل توفى ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل أو توفى بعد ولادته؟ على قولين أصحهما: أنه توفى ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل. والثانى: أنه توفى بعد ولادته بسبعة أشهر.
وبعد مولده صلى الله عليه وسلم أرضعته أمه عقب الولادة، ثم أرضعته ثويبة جارية عمه أبى لهب أياماً «والتى كانت أمة عنده
وأعتقها لأنها بشرته بميلاد النبى صلى الله عليه وسلم»، ثم جاء إلى مكة نسوة من البادية يطلبن أطفالاً يرضعنهم ابتغاء المعروف من آباء الرضعاء، على حسب عادة أشراف العرب، فإنهم كانوا يدفعون بأولادهم إلى نساء البادية يرضعنهم هناك حتى يتربوا على النجابة والشهامة وقوة العزيمة، فاختيرت لإرضاعه صلى الله عليه وسلم من بين هؤلاء النسوة «حليمة» بنت أبى ذؤيب السعدية؛ من بنى سعد بن بكر من قبيلة هوازن التى كانت منازلهم بالبادية بالقرب من مكة المكرمة، فأخذته معها بعد أن استشارت زوجها «أبوكبشة» الذى رجا أن يجعل الله لهم فيه بركة، فحقق الله تعالى رجاءه وبدل عسرهم يسراً، فَدَرَّ ثديها بعد أن كان لبنها لا يكفى ولدها، ودَرَّت ناقتهم حتى أشبعتهم جميعاً بعد أن كانت لا تغنيهم، وبعد أن وصلوا إلى أرضهم كانت غنمهم تأتيهم شباعاً غزيرة اللبن مع أن أرضهم كانت مجدبة فى تلك السنة، واستمروا فى خير وبركة مدة وجوده صلى الله عليه وسلم بينهم.
ولما كمل له سنتان فصلته حليمة من الرضاع، ثم أتت به إلى جده وأمه وكلمتهما فى رجوعها به وإبقائه عندها فأذنا لها بذلك، وبعد عودة حليمة السعدية به صلى الله عليه وسلم من مكة إلى ديار بنى سعد بأشهر، بعث الله تعالى مَلَكين لشق صدره الشريف وتطهيره، فوجداه صلى الله عليه وسلم مع أخيه من الرضاع خلف البيوت، فأضجعاه وشقا صدره الشريف وطهراه من حظ الشيطان، وكان ذلك الشق دون مدية ولا آلة بل كان بحالة من خوارق العادة، ثم أطبقاه، فذهب ذلك الأخ إلى أمه حليمة وأبلغها الخبر، فخرجت إليه هى وزوجها فوجداه صلى الله عليه وسلم منتقع اللون من آثار الروع، فالتزمته حليمة والتزمه زوجها حتى ذهب عنه الروع، فقص عليهما القصة كما أخبرهما أخوه.

وقد أحدثت هذه الحادثة عند حليمة وزوجها خوفاً عليه، ومما زادها خوفاً أن جماعة من نصارى الحبش كانوا قد رأوه معها فطلبوه منها ليذهبوا به إلى ملكهم، فخشيت عليه من بقائه عندها، فعادت به صلى الله عليه وسلم إلى أمه وأخبرتها الخبر، وتركته عندها مع ما كانت عليه من الحرص على بقائه معها.

فعاد من ديار حليمة وكان عمره سنتين وبضعة شهور إلى أمه، التى طال اشتياقها إليه، وحنت عليه آمنة حتى بلغ عندها ست سنين، ثم إن الأرملة الوفية لذكرى زوجها الشاب عبدالله، قد عزمت أن ترحل إليه بالمدينة، فترى قبره، وتُرى محمداً أخواله من بنى النجار، فخرجت آمنة فى رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر، تصحب ابنها وخادمتها أم أيمن، ويصحبها عبدالمطلب، يحدوهم جميعاً حنينهم إلى قبر عبدالله، ومكثت آمنة بالمدينة شهراً، ثم عُقِدَ العزم على الرحيل، ولكن تجسد لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى اليتم جليّاً، حين مرضت أمه فى طريق عودتها، حتى قضت نحبها بالأبواء بين مكة والمدينة، وعاد يتيم الأبوين حزيناً مع جده العطوف إلى مكة.

فكان جده يكرمه، ويحبه، ويحنو عليه، بل يقدمه على أبنائه وتوفى هذا الجد ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمانى سنين وقيل ست وقيل عشر، ثم انتقل إلى كفالة عمه أبى طالب الذى رغم ضيق ذات يده، فإنه رحب به فى دياره حتى زواجه. هذا سرد ميسر لنسبه صلى الله عليه وسلم ونشأته الكريمة التى يجب أن نتعلمها ونعلمها لأولادنا وأحفادنا، فهو صلى الله عليه وسلم شمس حضارتنا ونور حياتنا وأصل هويتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق