الجمعة، 17 فبراير 2012

الملكية العامة شرعها الإسلام لمصلحة المجتمع والأفراد

الإسلام ينمي الضمير الحي المستنير وروح الألفة والتآخي ومراعاة بعضهم لحقوق الآخرين ليكون المجتمع قويا مؤتلفا‏,‏ ولذلك فقد أرست الشريعة الإسلامية قواعد الملكية ونظمتها واعتبرت الحقوق منحة من الله سبحانه وتعالي لعباده يعطيها مقيدة وليست مطلقة‏..‏
 تطبيقا لموازنة عادلة بين حقوق الأفراد وواجباتهم ومصالح المجتمع كله ليسير الناس علي أسس متينة متماسكة تقوم علي ثبوت الملكية الفردية بما لا يتنافي مع الأحقية المقررة للجماعة عليها وأن تكون في دائرة منع إلحاق الضرر بالغير.

وأن يقوم الفرد في ملكه بما يكون فيه نفع للآخرين ما دام لا ضرر عليه.. وليس كل شيء قابلا للامتلاك الفردي, فإن للدولة ملكية تتولي تنظيم استثمارها بما يعود بالنفع العام علي جموع المواطنين ويتفرع من هذه الأسس كما يقول الدكتور محمد محمود هاشم ـ عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالزقازيق: إن للحاكم حق التدخل لتقرير العقود علي الملكية الفردية التي يغفلها المالك.. وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم: أنه تدخل لمنع بقاء الملكية عند الضرر مع تعويض صاحبها.. فقد كان لرجل من الأنصار بستان وفي حائطه نخل سمرة بن جندب.. يتردد عليه مما يؤذي البستان.. فشكا الأنصاري ذلك إلي رسول الله.. فقال النبي عليه الصلاة والسلام لصاحب النخل بعه.. فأبي.. فقال رسول الله.. فاقطعه.. فأبي.. قال فهبه ولك مثله في الجنة.. فأبي.. فالتفت النبي له وقال أنت مضار ثم التفت إلي الانصاري.. وقال اذهب فاقلع نخلة.. وقد فعل ذلك الخليفة عمر.. فقد روي الخليفة عمر أن رجلا اسمه الضحاك شق خليجا للماء.. فأراد أن يمر به في أرض محمد بن سلمة.. فأبي.. فكلم فيه عمر الذي أمر ابن سلمه أن يخلي سبيله.. ولكنه قال لا والله.. فقال عمر لم تمنع أخاك ما ينفعه. وينفعك.. فتسقي أولا وأخيرا.. وهو لا يضرك.. فقال ابن سلمة لا.. فقال عمر.. والله ليمرن به ولو علي بطنك, وأمر عمر أن يمر به وما فعله الخليفة أقرب إلي ما يعبر عنه بحق الاتفاق في القانون الوضعي, وقد كان الإسلام أسبق إلي تقرير المباديء الانسانية عالية المستوي.
ويضيف الدكتور محمد أبو هاشم: ان الالتزامات والقيود تتزايد علي الملكية في ظل الظروف والطواريء الاجتماعية التي تؤدي إلي نقصها أو سلبها.
قال أبو سعيد الخدري: كنا في سفر مع النبي صلي الله عليه وسلم فقال من كان معه فضل زاد أو ظهر فليعد به علي من لا زاد ولا ظهر له.
وأصابت العرب في عصر عمر مجاعة شديدة في عام الرمادة, وفيها تكافل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها وقال عمر بعد انتهائها( لو اصاب الناس السنة لا دخلت علي أهل كل بيت مثلهم.. فإن الناس لا يهلكون علي انصاف بطونهم).
وبعد الهجرة وزع رسول الله الأموال بين فقراء المهاجرين والأنصار تطبيقا لقول الله سبحانه وتعالي: ما أفاء الله علي رسوله من أهل القري فلله وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم.
أما الأرض وما عليها من غرس فابقي عليها النبي عليه السلام.. تحت سلطانه ليكون انتاجها للمحتاجين, وذلك لكيلا يكون الينبوع الوفير للثروة في أياد محدودة تدار بينهم فقط ولا ينتفع منها غيرهم.. وكل ذلك يؤكد أن الشريعة الإسلامية أسست للملكية العامة وسخرتها لمصلحة المجتمع كله وتحقيق منافع أفراده جميعا

المصدر جريدة الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق