الجمعة، 17 فبراير 2012

معالجة البطالة من منظور إسلامي

من المعلوم أن البطالة تشكل معاناة حقيقية لجميع المجتمعات‏,‏ وهي تمثل تهديدا مباشرا بالانهيار الاقتصادي والاجتماعي علي السواء‏,‏ ـ ولذلك وقبل أن نباشرها بالحلول الإسلامية بما يستوجب علينا بيانها علي النحو التالي‏:‏
فالبطالة تعني عدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توافرت له القدرة علي العمل وتسمي:( البطالة المجردة), أو عدم تحقيق الإنتاج المتعين توافره, وهو الغاية من العمل وتسمي:( البطالة المقنعة) كما تتحقق البطالة بانحراف العمل عن المشروعية وتسمي:( البطالة الآثمة).
ولذلك يجب وضع خطة تنمية بمعرفة الدولة للقطاعات المهنية والحرفية بهدف استيعاب أكبر نسبة من الخريجين في جميع المجالات, كما أنه يجب التوسع في مجالات التدريب المهني والحرفي والحدمن القبول في الكليات النظرية, وذلك من أجل التوسع في مجال الإنتاج الصناعي, والزراعي الذي يتناسب مع بيئة مجتمعاتنا, وظروفنا مع الأراضي الصحراوية.
أما العلاج الحاسم للبطالة القائمة:
هو التوسع في مجالات الاستثمار( القطاع الخاص) وتضييق استثمارات القطاع العام وأيضا بوجوب الحد من المغالاة في الضرائب بالتقدير الجزافي علي القطاع الخاص أفراد وشركات ومؤسسات, وتغليب اهتمام الدولة بالإنتاج علي المغالاة في المطالبة بالضرائب, والله سبحانه وتعالي يقول:(.. هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها..) سورة هود آية61 والتي تعني في مفهومنا الحديث وبالأسلوب العلمي, التنمية الاقتصادية لضمان تحقيق الإنتاج, ولقد جري هذا المعني والمطالبة بتطبيقه في توجيه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إلي واليه في مصر حيث أمره بالآتي( ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة, ومن طلب الخراج من غير عمارة أخرب البلاد).وهذا التوجيه السامي لضمان توافر الانتاج لصالح المجتمع, وتنميته هو الذي أوجد الرخاء, والتكامل الاجتماعي بأجلي صوره في الماضي.
أما الآن بعد اتساع مساحة البطالة بسبب الانكماش الاقتصادي الذي افتعله الاقتصاديون دون إخلاص للمجتمع والدولة, ومع زيادة الضرائب علي مختلف القطاعات إزداد عدد قضايا الإفلاس بالدوائر التجارية بالمحاكم, وتوالت المحال بغلق أبوابها لتوقف أنشطتها مما أدي إلي الكساد الذي أدي إلي ظهور الانحراف بالعمل إلي ضعف المستوي في الانتاج, ومن الانتاج المشروع إلي الإنتاج غير المشروع بقصد الكسب السريع لمواجهة مطالب الحياة وذلك ما يسمي البطالة الآثمة.
ولذلك نجد( عمر بن الخطاب رضي الله عنه) حين قام بتوجيه تعاليمه إلي أحد ولاه الاقاليم يسأله:( ماذا تفعل إذا جاءك سارق؟ فأجاب الوالي: أقطع يده فرد عليه عمر بقوله: وإن جاءني منهم جائع أو عاطل فسوف أقطع يدك). إن الله سبحانه وتعالي استخلفنا علي عباده لنسد جوعتهم, ونستر عورتهم, نوفر لهم حرفتهم فإذا أعطيناهم هذه النعم تقاضيناهم شكرها, يا هذا ان الله خلق الأيدي لتعمل فإذا لم تجد في الطاعة عملا التمست في المعصية أعمالا فأشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية).
ذلك التوجيه الإسلامي الرائع الذي يؤكد العدالة الإسلامية واتزان أحكامها ونشر التقوي بشأن من يضعون أيديهم علي الأرض دون استثمارها كما جاء عن السلف الصالح فيما ورد عن محمد بن اسحاق عن الزهري عن سالم بن عبدالله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال علي المنبر: من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنوات وذلك أن رجالا كانوا يحتجرون من الأرض ما لا يعملون.
الأمر الذي يقضي بضرورة مراجعة الأعمال المجمدة بشأن توزيع الأراضي الصحراوية التي حصلت عليها الجمعيات التابعة لهيئات الحكومة أو القطاع الخاص والتي جمدتها بهدف التربح من استغلالها في أمور غير الإنتاج الزراعي حيث يستدعي وجوب استعادة هذه الأراضي وتوزيعها علي الراغبين في الإنتاج الزراعي ممن حرموا من فرصة العمل, في الانتاج الزراعي, وأن تمام نزع هذه الملكيات أو إلغاء التخصيص لها جائز اسلاميا مادام قد مضي عليها ثلاث سنوات دون زراعتها.
ولما كانت التوجهات الإسلامية بجميع الحلول الملائمة لمشاكل المجتمع وأهمها مشكلة البطالة وجميع صورها.
إلا أن ما يقدم من اقتراحات وحلول لن يفي بالغرض المطلوب للعلاج عنها بالصورة المرجوة, إلا إذا كانت الرسالة الأولي في المجتمع أساسا هي معالجة ذاتية الإنسان ابتداء لأن الإنسان هو صاحب الطاقة والقدرة علي الإنتاج, والاجتهاد علي أن يجد لنفسه مكانا في الأرض التي أوجب الي الله تعالي اعمارها بالاخلاق والايمان واليقين علي الاصلاح النفسي أولا ثم بالحث علي العمل والانتاج بل لقد رفع الإسلام العمل إلي مستوي العبادة حيث يقول الرسول صلي الله عليه وسلم( من بات كالا من عمل يده بات مغفورا له).
إن الاسلام يحث علي العمل وأيضا يحث علي الايمان والتقوي وليس بمعني السلبية والتواكل بل الإقدام والصبر والاجتهاد لأن الإيمان هو القوة الدافعة للعمل والتقوي هي إحياء الضمير والوقوف علي يقظته فإذا تمسك الإنسان بهما نال خيرا كثيرا. وذلك بقول الله عز وجل( ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) سورة الأعراف آية96 ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق