الاثنين، 14 فبراير 2011

الاستبداد يشل القوى/للشيخ محمد الغزالي

الحكم الذي ساد بلاد الإسلام من بضعة قرون كان طرازا منكرا من الاستبداد والفوضى
. . انكمشت فيه الحريات الطبيعية، وخارت القوى المادية والادبية، وسيطر على موازين الحياة العامة نفر من الجبابرة أمكنتهم الأيام العجاف أن يقلبوا الأمور رأسا على عقب، وأن ينشروا الفزع في القلوب، والقصر في الآمال، والوهن في العزائم . . . .والحكم الاستبدادي تهديم للدين وتخريب للدنيا، فهو بلاء يصيب الإيمان والعمران جميعا.وهو دخان مشئوم الظل تختنق الأرواح والأجسام في نطاقه حيث امتد.فلا سوق الفضائل والآداب تنشط، ولا سوق الزراعة والصناعة تروج . .!!ومن هنا حكمنا بأن الوثنية السياسية حرب على الله وحرب على الناس.وأن الخلاص منها شئ لا مفر منه لصلاح الدنيا والاخرة. . . .وقد أصيب الإسلام في مقاتله من استبداد الحاكمين باسمه.بل لقد ارتدت بعض القبائل، ولحقت بالروم فرارا من الجور . . إن المستبدين ينبتون في مناصبهم نبتا شيطانيا لا توضع له بذور، ولا تحف به رغبة، ولا تشرف عليه موازنة أو مشورة.!!وعندما يوضع رأس فارغ على كيان كبير فلابد أن يفرض عليه تفاهته، وأثرته، وفراغه. . .ومن هنا تطرق الخلل إلى شئون الأمة كلها، فوقعت في براثن الاستعمار الأخير لأن الخلفاء والملوك والرؤساء كانوا في واقع أمرهم حربا على الامة الإسلامية، أو كانوا في أحسن أحوالهم ترابا على نارها، وقتاما على نورها.فلو خلوها وشأنها لاستطاعت الدفاع عن نفسها، متخففة من أعباء هؤلاء الحكام، ومن جنون العظمة الذي استولى عليهم . . .!!ثم إن الإسلام ينكر أساليب العسف التي يلجأ إليها أولئك المستبدون في استدامة حكمهم واستتباب الأمر لهم . . . إنه يحرم أن يضرب إنسان ظلما، أو أن يسفك دمه ظلمت.فما تساوى الحياة كلها شيئا إذا استرخصت فيها حياة فرد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق".فأشد الجرائم نكرا، أن يقتل امرؤ من الناس توطيدا لعزة ملك أو سيطرة حاكم . .وفي حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجيئ المقتول يوم القيامة آخذا قاتله ـ وأوداجه تشخب دما ـ عند ذي العزة ـ جل شأنه ـ فيقول: يارب، سل هذا، فيم قتلي؟
فيقول المولى عز وجل: فيم قتلته؟ قال: قتلته لتكون العزة لفلان . . . قيل: هي لله".وفي التعذيب دون القتل، وهو ما ينتشر في سجون الظلمة، روى أبو هريرة أن رسول الله قال: "من جرد ظهر مسلم بغير حق لقى الله وهو عليه غضبان".ويقول أيضا: "ظهر المسلم حمى، إلا بحقه".يعني أن المسلم لا يجوز ان يمس بسوء أبدا، إلا أن يرتكب ذنبا أو يصيب حدا، فعندئذ يؤخذ منه الحق الثابت في دين الله. إن الجو الملئ بما يصون الكرامات، ويقدس الدماء والأموال والأعراض هو الجو الذي يصنعه الإسلام للناس كافة، وهو بداهة الجو الذي يحسنون في العمل والإنتاج.فحيث تسود الطمأنينة، ويختفي الرعب، ينصرف العامة إلى تثمير أموالهم وتكثير ثرواتهم، لأنهم واثقون أن حصاد ما يغرسون لهم ولذراريهم، فهم غير مدخرين وسعا في العمل والإنتاج . . إلا أن هذه البيئة الوادعة الآمنة المشجعة على الكدح والكسب تقلصت رقعتها في الأمة الإسلامية خلال القرون الأخيرة!!. ووقع الفلاحون والصناع وأهل الحرف المختلفة في براثن أمراء يحكمون بأمرهم لا بأمر الله.فكانت عقبى الترويع المتجدد النازل على رؤوسهم أن أقفرت البلاد وصوح نبتها، وعم الخراب أرجاءها . . .!!وتستطيع أن تلقي نظرة عجلى على تاريخ خلال المائتي سنة الأخيرتين، فيما كتبه عبد الرحمن الجبرتي.إنك ترى من الأحداث ما لا ينفد عجبك له.حكام يطلبون من المال من الناس كلما تحركت رغبة الطلب في نفوسهم.فإذا الضرائب تفرض دون وعي. والأملاك تصادر دون حق.وخصومات على الحكم تشعل جذوتها عصابات طامعة من أصحاب الجاه وعشاق السلطة، وتسفك فيها الدماء بغزارة، ولا يفوز فيها إلا أقدار الفريقين على الفتك، وأطولها يدا بالأذى . . . !! ما هذا؟
أمة انفرط عقدها فليس يمسكها شئ.وضاع أصلها فلا تستحي من سلوك.وتشبث بها الفتن طولا وعرضا، فهي كحريق هائل كلما ظن أنه انطفأ في ناحية اندلع ناحية أخرى.!!ومن البديهي أن تمحق أسباب العمران بله مظاهر الحضارة في أتون هذه الفوضى الضاربة. .!!البديهي أن تضطرب شئون الري، وأن يفر الفلاحون من زراعة الأرض، وأن يعيش أهل المدن وكأنهم يستعرون أعمارهم يوما بيوم.فإذا كانت مصر البائسة صورة لأقطار الأمة الإسلامية المنتشرة بين المحيطين، فأي مستقبل ترقبه لمثل هذه الأمة التي عز فيها الداء واستفحل الخطب؟؟
كان سقوطها في مخالب المستعمرين الغزاة، النتيجة الحتم!!.وتخلفها في ميدان الحياة المتافعة المتدفقة هنا وهناك أمر لم يكن منه بد.والمسئول عن هذه الجريمة النكراء هو الاستبداد السياسي الذي وقعت البلاد فريسة له، وكان دين الله ضحاياه الكثيرة . . يجب أن نعلم الناس يتهيأون للعمل العظيم، ويتجهون إليه بأفكار رتيبة مستريحة، حين يكون الشعور بالأمن مستوليا على أقطار أنفسهم. أما حيث تستخف الذئاب الحاكمة وراء جدران الدواوين، وتنقض متى شاءت على أقرب قريسة لها، فهيهات أن يزدهر إنتاج، أو يستقيم سعى . .الحريات الكاملة ضرورة لنشاط القوى الإنسانية وتفتح المواهب الرفيعة.إن النبات يذبل في الظل الدائم،ويموت في الظلام . . .ولن تتفتح براعمه، وتتكون أثماره إلا في وهج الشمس.كذلك الملكات الإنسانية، لا تنشق عن مكنونها من ذكاء واختراع، إلا في جو من الإرادة المطلقة، والحرية الميسرة . .!!والعالم الإسلامي ـ ونقولها محزونين ـ نكب بمن رده نهاره الضاحي ليلا طويلا . . .نكب ـ في العصر الماضي ـ بحكام ظنوا البشر قطعانا من الدواب، فهم لا يحملون في أيديهم إلا عصا . . .والحاكم الذي لا تألف رعيته منه إلا العصا جرثومة عبوديتها أولا.وهو لقنطرة التي تمهد للإذلال الخارجي أخيرا . . .ونحن موقنون بأن الاستعمار الذي نشر غيومه في ربوع الأمة الإسلامية كان ومازال لا علة له إلا هذا الضرب من الحكومات . . . ومما يقترن بالاستبداد السياسي ولا ينفك عنه، غمط الكفايات، وكسر حدتها، وطرحها في ماوي النسيان ما أمكن.ذلك أن المستبد يغلب عليه أن يكون مصابا بجنون العظمة.وربما اعتقد أن كل كفاية إلى جانب عبقريته الخارقة صفر لا تستحق تقديرا ولا تقديما . .وإذا اكرهته الظروف على الاعتراف بكفاية ما، اجتهد في بعثرة الأشواك أمامها، واستغل سلطانه في إقصائها أو إطفائها.وفي رأيي أن حظوظ الأمم من الكفايات متساوية، أو متقاربة، وأن أولى النباهة والمقدرة عند أية دولة في الغرب، لا يزيدون كثيرا عن أمثالهم في أي شعب شرقي . . !!كل ما هنالك أن قيادة الجماهير في أوروبا وأمريكا أخذ طريقه الطبيعي إلى أيدي الأذكياء الأكفاء . .أما في الشرق الإسلامي مثلا فإن القياد ـ بأسباب مفتعلة ـ ضل طريقه عن أصحابه الأحقاء به، وسقط في ايدي التفاهين والعجزة . . وهذه الأسباب المفتعلة يقيمها ـ عن عمد ـ الاستبداد السياسي حيث يظهر ويسود. إن المستبد يؤمن بنفسه قبل أن يؤمن بالله.ويؤمن بمجده الخاص قبل أن يؤمن بمصلحة الأمة . .ومن هنا يعول على الأتباع الفانين فيه، يحشدهم حوله، ويرفض الإستعانة بالكفايات التي لا تدين بالولاء له، ولا يبالي بحرمان الوطن، أو الدين من مهارتهم.وتأخر العالم الإسلام في القرون الأخيرة مرجعه انتشار هذا الوباء!فإن منع الرجل القوي من القيام على الأمانات تضييع له ولها، تضييع ينطق لسانه بهذه الشكاة:لم لا أسل من القراب وأغمد * * * لم لا أجرد والسيوف تجرد؟
أو كما قال الآخر، كاشفا عن عواقب حرمان الأمة فيما ينوبها من أزمات:أضاعوني وأي فتى أضاعوا * * * ليوم كريهة وسداد ثغر!! وطبيعة الرجل الكفء كراهية الهوان والتحقير.ألا ترى موقف عنتر بن شداد حين هوجمت قبيلته، وكان أبوه قد وظفه في الرعي والخدمة؟؟
لقد تطلعت إليه عند اشتداد الهجوم، وافتقاد الأبطال!!وجاء شداد مسرعا يطلب من الابن المحقر المبعد أن يقود حركة المقاومة!!وقال عنترة ـ منددا بموقف أبيه منه ـك إن العبد لا يحسن الكر والفر، ولكنه يحسن الحلاب والصر!!فقال الوالد المحرج: كر وأنت حر . . .حسنا فعل شداد، وحسنا فعل ابنه!! إن الملكات الإنسانية العالية في ندرة المعادن النفيسة من ذهب وماس ولؤلؤ ومرجان.وإضاعتها خسارة يعز معها العوض المفاجئ.وانهيار التاريخ الإسلامي في القرون الأخيرة يرجع ـ كما أسلفنا ـ إلى ذوبان الكفايات وسط عواصف من الهوى والجحود.وإلى استعلاء نفر من الرجال الذين تقوم ملكاتهم النفسية على إحسان الخطف والتسخير، وربط الأتباع بهم على أساس المنفعلة المعجلة!!وشئوننا المادية والأدبية من عدة قرون تدور حول هذا المحور.فبينما كانت أوروبا تنتفض من خمولها، وتهب الرياح رخاء في أرضها، ويجد العباقرة الفرص مضاعفة أمامهم ليفكروا ويكتشفوا ويخترعوا . . . وبذلك تمهد الطريق أمام الذكاء الإنساني الرفيع كي يسير ويشد وراءه القافلة الحانية عليه المعجبة به ـ ! في ذلك الوقت نفسه، كان الشطار عندنا من الأمراء والعمد يتنازعون على حكم المدائن والقرى، ومؤهلاتهم للسيادة المنشودة لا تعدو القدرة على سحق الخصوم . . .!!فكيف تصلح أمة تتكتل أحزابها حول عصبية السلطان المسروق بدل أن تتجمع حول مثل عالية، ومبادئ نبيلة؟؟
لقد جنت علينا هذه الأحوال يقينا!وجنينا من طول بقائها في بلادنا تأخرا في المظاهر الأولى للعمران ، بله تأخرا في مجال الإجادة والابتكار. وفي أثناء مغيب الحرية عن بلد ما، يقل النقاد للأغلاط الكبيرة، أو يخنفون، وتضعف روح النقد عموما، أو تتوارى..!!وهذه الحال تمكن للفساد، وتزيد جذوره تشبثا بالبيئة العليلة. وحاجة الأمم للنقد ستظل ما بقي الإنسان عرضة للخطأ والإهمال، بل ستظل ما بقي الكلمة من البشر يخشون ويخافون الحساب!ومادامت العصمة لا تعرف لكبير أو صغير، فيجب ان يترك باب النقد مفتوحا على مصراعيه . .!!ويجب أن يحس الحاكم والمحكوم بأن كل ما يفعلون او يذرون موضع النظر الفاحص والبحث الحر . . .فإن كان خيرا شجوا على استدامته . . .وإن كان شرا نبهوا إلى تركه، حذروا من العودة إليه، بعد أن يرفع الغطاء عن مواطن الزلل فيه . . . وقيمة النقد في إحسان الأعمل وضمان المصالح لا ينكرها عاقل.وإنما هلكت الامم الهالكة لأن الأخطاء شاعت فيها دون نكير، فما زالت بها حتى أوردتها موارد التلف.ونحن لا نحب لأمتنا هذا المصير. إن أغلب الناس إذا أمن النقد لم يتورع عن التقصير في عمله، ولم يستح من إخراجه ناقصا وهو قدير على إكماله! وقد كان خالد بن الوليد بصيرا بهذه الطبيعة عندما أعاد تنظيم الجيش الإسلامي في موقعة اليرموك على أساس تمتاز به كل قبيلة، وينكشف به صبرها وبلاؤها، وتحمل به تبعتها من النصر والهزيمة، تبعة غير عائمة ولا غامضة . .وكانت التعبئة الأولى للجيش تخلط بين الناس في كيان عام، وتتيح لأي متخاذل أن يفر من معرة التقصير، فلا يدري بدقة: من المسئول؟ وعقل الألسنة عن الكلام في عمل الاستبداد والمتبدين ضيع على أمتنا مصالح عظيمة خلال الأعصار السابقة. إذ أطمأن العجزة والمفسدين، وجعلهم يسترسلون في غيهم، فما يفكرون، في إطراح كسل، ولا ترك منقصة . . .!! أما الحريات التي تقدسها الدول الديمقراطية فإنها مزقت الأغطية عن كل الأعمال العامة، وجعلت الزعماء ـ قبل الأذناب ـ يفكرون طويلا قبل إبرام حكم، أو إنفاق مال ، أو إعلان حرب، أو ابتداء مشروع كبير . . .بل جعلتهم في مسالكهم الخاصة يوجلون من أي عمل يثير حولهم القيل والقال . . .ولا شك أن هذه الحريات حاجز قوي دون وقوع العبث بشئون الأمة، أو نذير بتقصير أجله إذا وقع، ومؤاخذة أصحابه بغير هوادة. ولو نظرنا إلى الحرب العالمية الثانية لوجدنا في أحداثها ما يستدعي العبرة . . .فقد انتصر الألمان في مراحلها الأولى انتصارا خطيرا، بيد أن خصومهم سرعان ما شرعوا يستفيدون من أخطاء الحكم الفردي القائم ضدهم.وكانت هذه الأخطاء من الجسامة بحيث نستطيع اعتبارها السبب الأول في انكسار القوم . . لقد حارب هتلر الروس ضاربا باراء قواده عرض الحائط، فكانت هذه أولى مصائبه.تم رفض خطة أولئك القادة لمنع نزول الحلفاء بشواطئ فرنسان ونفذ خطة من تفكيره هو وتفكير بعض متملقيه، فكان أن فتحت الجبهة الثانية.ثم وقع الألمان بين شقي الرحى. وتحول انتصارهم الأول اندحارا من أبشع ما روى التاريخ . . .ذلك أن الأمور لا تصلح أبدا برجل واحد يدعي العلم بكل شئ ويعتقد أن العناية حبته بما حرمت منه سائر الخلق . . .!! ويؤسفنا أن نقول أن تاريخنا العلمي والاجتماعي والسياسي كان ينزل خلال القرون الأخيرة من مزالق إلى منحدرات، ومن منحدرات إلى هاويات، لأن أزمة النشاط المادي والأدبي كانت في أيدي أفراد يكرهون النقد، ولا يحبونه من أحد، ولا يسمحون بجو يوجه وينعشه . . .والغريب أن هؤلاء الرجال ـ عندما يوزنون بحساب النبوغ والقدرة ـ لا ترجح بهم كفة.فكيف يصلح بهم وضع، أو تقوم بهم نهضة، أوتنشط بهم قوة للبناء والإنتاج؟؟؟
حاجة المسلمين إلى الحريات البناءة ـ في تاريخهم الأخير ـ أزرت بهم، وحطت مكانتهم . . .على حين نعمت أجناس أخرى بتلك الحريات، فتحركت بقوة، ثم اطرد سيرها في كل مجال، فإذا هي تبلغ من الرفعة أوجا يرد الطرف وهو حسير.وزاد الطين بلة شئ آخر . . .أننا عندما اتصلنا بالغرب في أثناء القرنين الماضيين، وشعرنا بضرورة الاقتباس منه والنقل عنه، كانت أفهامنا من الصغار ـ ولا أقول من الغفلة ـ بحيث لم تلتفت إلا للتوافه والملذات . . .فالحرية التي تشبثنا بها، ليس هي الحرية العقل في أن يفكر ويجد ويكتشف . .بل حرية الغريزة في أن تطيش، وتنزو، وتضطرم. . !!. وسرعان ما احتلت الملابس الأوروبية أجسامنا، والأثاث الأوروبي بيوتنا، والعادات الأوروبية ـ في الأكل والنوم ـ أحوالنا . . .أما تألق الذهن! وجودة التفكير، وإطلاق القوى البشرية من مرقدها تسعى وتربح فذاك شأن آخر.ومن السهل على القردة أن تقلد حركات إلإنسان ما . . .!!أفتظنها بهذا التقليد السخيف تتحول بشرا؟؟ ولقد راينا المسنين من الرجال، والأحداث من العيال، يأخذون عن أوروبا الكثير من مظاهر المدنية الحديثة، وهي مظاهر نبتت خلال حضارة الغرب كما تنبت "الدنبية" خلال حقول الأرز. إنها شئ آخر غير حضارة الغرب التي ارتفع بها واستفاد منها.فهل هذا الأخذ الغبي رفع خسيستهم، أو دعم مكانتهم؟
كلا، إنهم ما زادوا إلا خبالا . . والواقع أن اليابان نهضت نهضة كبرى في أواخر القرن التاسع عشر للميلاد.والصين نهضت نهضة أشمل وأخطر في منتصف القرن العشرين.وكلتا الأمتين حرصت على تقاليدها الخاصة في اللباس والطعام وما إليهما، وعبت من مناهل المعرفة الحقيقية ما غير من حالتها تغييرا تاما. أما نحن فقد هجرنا الموضوع إلى الشكل، بل تخبطنا فيما ندع وننقل على حساب ديننا وتاريخنا، فلم نصنع شيئا . . الحرية التي نريدها ليست في استطاعة إنسان ما أن يلغوا كيف شاء!!فما قيمة صحافة تملأ أوراقها بهراء لا يصلح فاسدا، ولا يقيم عوجا؟
الحرية التي نريدها ليست في قدرة شاب على العبث متى أراد.فما قيمة أمة تصرف طاقات الأفراد في تيسير الخنا وإباحة الزنا؟؟ الحرية التي يحتاج إليها العالم الإسلامي تعني إزالة العوائق المفتعلة من أمام الفطرة الإنسانية، عندما تطلب حقوقها في الحياة الآمنة العادلة الكريمة، الحياة التي تتكافأ فيها الدماء وتتساوى الفرص وتكفل الحقوق، وينتفي منها البغي، ويمهد فيها طريق التنافس والسبق أمام الطامحين والأقوياءن ويمهد طريق الاندثار والاستخفاء أمام التافهين والسفهاء، فلا يكون لهم جاه، ولا يقدس لهم حمى. . .!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق