السبت، 26 فبراير 2011

بين المرجعية الدينية ... والمشروع الحضارى للنهضة

بادئ ذى بدء أود أن أوضح أن المرجعية الإسلامية.. والتعبير عن تيار سياسى غائب عن الساحة السياسية .. ليس تهمة ندفعها عن أنفسنا.. كمؤسسين لحزب الوسط ، بقدر ما هو رغبة فى تصحيح إصطلاح إستهلك وأُسيئ ترويجه وإستخدامه من قبل نظام الحكم المستبد الفاسد فى مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير ، كى يمثل تضليلا للرأى العام وتخويفاً من أن كل من له مرجعية إسلامية بالضرورة يدعو لدولة دينية ثيوقراطية .. يكون الحكم فيها والسلطة .. للعلماء والمشايخ وأنها ستعيدنا لعصور الظلمة والتخلف ، كما أنها تقف ضد الحريات العامة وضد التقدم والحداثة للوطن .. وهذا كله زيف ولا أصل له وإدعاء بغير دليل بل وتجاهل لحقيقة تاريخية ... أن الإسلام منذ نشأة دولته الأولى .. فى المدينة المنورة .. وضع أول دستور فى العالم .. للدولة المدنية ... يضمن حقوق المواطنة الكاملة .. من عدل ومساواة بين أبناء الوطن الواحد ... فيما يسمى بوثيقة المدينة ، هذا من ناحية المبدأ العام ، كذلك من ناحية برنامج حزب الوسط خاصة ..فإنه يؤكد على مدنية الدولة وحقوق المواطنة وحقوق المرأة والحريات العامة وحقوق الإنسان وحرية الاعتقاد
.
ولكن .. بالرغم من أنها ليست تهمة ندفعها .. المرجعية الإسلامية ... إلا أننا بعد مراحل أربعة من الإجتهادات الفكرية عبر خمسة عشره عاماً قضيناها تحت التأسيس ... طورنا فى هذا المفهوم بشكل كبير .. حتى وصلنا إلى أن مرجعيتنا هى... المشروع الحضارى العربى الإسلامى ... كمشروع للنهضة .. فما هو الفارق بين المرجعيةالإسلامية ، وهذا المشروع الحضارى للنهضة ؟
يرى مؤسسو الوسط فى برنامجهم ... أنه من غير المقبول أن يخرج مجموعة من الناس يريدون الإنخراط فى العمل العام وخاصة السياسى .. دون أن يكون لهم .. هوية أو مرجعية .. لأنه إن لم توضح هويتك ومرجعيتك .. قد يختارها لك الآخرون سواءاً بضغوط من قوى خارجية أو بإملاءات ومساومات من قوى داخلية .. تريد إختطاف مشروعك ، لذلك فإننا توافقنا بعد عصف ذهنى بيننا وبين المتخصصين فى الشأن السياسى والعام والثقافى من مختلف الإتجاهات...أن المشروع الحضارى العربى الإسلامى أشمل وأكثر إستيعاباً ورحابة من المفهوم الضيق الذى أشيع من قبل عن المرجعية الإسلامية .
ففى ظل الحضارة العربية الإسلامية...ذات النكهة المصرية..والتى كان لها تميزها فى هذا المشروع الحضارى .. نبغ كثيرٌ من..غيرالمسلمين.. فى مجالات عديدة سياسية وثقافية وفنية وحصلوا على حقوقهم الكاملة كمواطنين أصلاء فشكلوا جزءاً هاماً من تاريخ هذا الوطن...وكان شعار..العيش الواحد ..هو شعار المرحلة.
كذلك أن المشروع الحضارى العربى الإسلامى ... يعنى بالأساس ويؤكد على ... المقاصد العليا ومنظومة القيم الإسلامية .. التى من شأنها أن تدفع بالوطن للأمام فى طريق النهضة والتقدم لا أن تكبله وتعوقه عن ملاحقة مسيرة التطور حول العالم .
ومن هنا يؤكد المؤسسون مثلا .. على أحد تلك المقاصد .. وهو الحفاظ على الكرامة الإنسانية .. للإنسان .. أياً كان جنسه أو دينه أو عرقه ... والكرامة الإنسانية تشمل جميع حقوق الإنسان ... السياسية ، الإجتماعية ، الثقافية ، حرية الإعتقاد ..والحرية بشكل عام وأساسى ... حتى أنها تتقدم على العدالة .
وفى وطن مثل بلدنا مصر ... وفى ظل تاريخ طويل من الظلم والإستبداد ... قد إستبيحت فيه حقوق الشعب .. وإهدرت كرامته .. ونال من العذاب أصنافاً عدة ، ولم يستطع أن يحصل على حقه .. فى العيش الكريم ... هنا تكون قيمة..الكرامة الإنسانية ... لها معنى أشمل بكثير من حقوق الإنسان فقط كما هى فى المواثيق الدولية ، فهى تعنى بالأساس ... الإحترام المتبادل بين السلطة والشعب ، بين الغنى والفقير ، بين الرجل والمرأة بين الأب وأولاده ... الكل له كرامته واحترامه...من هنا يأتى الحب والعطاء ... كلنا سواسية أمام القانون ..كلنا يعطى لهذا الوطن قدر إستطاعته ...وعطاءه مقدر ومحترم من قبل الجميع.
م.معمارى / طارق الملط
عضو الهيئة العليا لحزب الوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق