الثلاثاء، 1 مارس 2011

عمرو هاشم ربيع: الاحزاب على أسس دينية مقبولة ولكن بشرطين


بعد الزلزال الهائل الذي أصاب الحياة المصرية مخلفاً وراءه العديد من الضحايا من رموز الحزب الوطني ومنشئاً لأوضاع جديدة لأقصى مدى لم يعهدها المصريون من قبل، في وسط كل هذه النشوة بقيت أسئلة كثيرة معلقة عن المستقبل
. فقد اهتم العديد من المصريين بالنظر الى أنقاض الزلزال وكيف صارت البنيات الهائلة سابقا حطاما تذروه رياح الملاحقات القضائية بتهم الفساد. لكن على جانب آخر اهتم أكثر المصريين وبخاصة المثقفين بسؤال واحد هو ماذا بعد؟
فماذا بعد؟ سؤال ينطوي على الكثير من الأسئلة المتعلقة بشتى مناحي الحياة المصرية وهو أيضاً سؤال وضعناه بين يدي واحد من أهم المتخصصين في الحياة البرلمانية والحزبية الدكتور عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي كان في أقصى درجات الإنشغال لمتابعة الأحداث الجارية وتوثيقها والتعليق عليها مما اضطرنا إلى تغيير الموعد عدة مرات الى أن تم الحوار في وسط كل مشاغله وذلك لأهمية رؤية متخصص في حجم هاشم وقد كان تركيزنا على الوضع الآن وغدا ..فهما الأهم في الفترة الحالية وإلى نص الحوار :من الواقع
كيف تقيم خطوات المجلس الأعلى للقوات المسلحة فالبعض يشتكي من تباطىء في أداءه؟
في البداية كان المجلس متباطيء بعض الشيء، أما الآن فقد اسُتدرك هذا التباطىء وصار متفاعلا مع الأحداث بقرارات حاسمة، كحل البرلمان، ووقف العمل بالدستور، وانشاء لجنة لتعديل هذا الدستور .
هل مصر مقبله على تغير حقيقي نحو الديمقراطية أم سيكون تغيير في شخص الرئيس فقط ؟ اتوقع أننا في اتجاه ديمقراطية حقيقية، واتمنى ألا يكون تغيير فقط في شخص الرئيس وأن يكون في المنظومة السياسية كلها .
وما الذي يمكن أن يمنع التغيير الشامل ؟
بلا شك لن يتغير شيء لو أن الجيش رشح أحداً ودعَّمه.

إذن هل أنت مطمئن للمرحلة القادمة ؟
حتى الآن نعم ، لكن هناك أشياء ناقصة لابد أن تتم ليزداد الاطمئنان .
مثل؟
مثل وضع جدول زمني يتضمن انهاء حالة الطواريء ويعرفنا متى وكيف ستكون انتخابات الرئاسة .
بماذا تنصح المجلس العسكري الآن؟
أتمنى أن ينظر باهتمام أكبر لطلبات الشباب، وألا يتعجل في ترك السلطة فمدة ستة أشهر قليلة جدا لتغيير الدستور ووضع قوانين انتخاب جديدة، فهو في نص قراره كلف لجنة تعديل الدستور "بتعديل بعض المواد وما يزيد عنها وما يرتبط بها من إصلاحات قانونية" وهذا عمل كبير جداً، سيضطر اللجنة لتغيير قوانين الانتخاب والأحزاب، وقد حدد ذلك بعشرة أيام، وهذا يعني أن على اللجنة عمل شغل "أكروباتي" لإنهاء عملها .
هل ترضى على اللجنة المشكلة لتعديل الدستور ؟
طبعا..... فكلهم أناس محترمون ولا غبار عليهم، ولكن أرى أنه كان ينقص اللجنة عنصر مسيحي فلو وجد لكان ذلك أفضل .
ألا ينقص اللجنة عضوا من منظمات حقوق الانسان؟
لا...لا وجود أحد من المنظمات الحقوقية سيكون تعطيل لعمل اللجنة أكثر منه إضافة أو تسيير للعمل.

الى المستقبل
تعددت اتهامات النظام للمصريين بأنهم غير مؤهلين للديمقراطية فما رأيك؟
هذا كلام فارغ هو احنا اتخلقنا ومكتوب على جباهنا طواريء وتعذيب.
كيف ستنشأ الديمقراطية اذا كان أحد أركانها الأساسية ميتا وهو الأحزاب ؟
لا شك أن الفترة القادمة هي فترة المستقلين .
ومستقبل الأحزاب القائمة كيف تراه؟
اذا لم يعدلوا من توجهاتهم وأفكارهم هينداسوا، فأحزاب مثل التجمع والوفد لازم ينداسوا، فقد أثبتوا في بداية الأزمة وخلالها أنهم في حالة غيبوبة، فقد نفضوا أيديهم من الثورة قبل أن تبدأ فقال التجمع في 17 و18 يناير أنه لن يشترك في مظاهرات الخامس والعشرين، وعندما صارت المظاهرات واقعا قويا ركبوا الموجة، فخرج علينا السيد البدوي في مؤتمر صحفي وقال: أن كل مطالبنا فصل الرئاسة عن الدولة، ولم يكلف نفسه حتى بنزول الشارع بل نزل مصطفى شردي.
لماذا في رأيك لم ينزل إلى الشارع؟
هو رجل أعمال ومرتبط بالسلطة وليس بالدولة، وأكيد خايف من المشاكل.
وما السبيل لهذه الأحزاب ؟
لابد أن يسعفوا أنفسهم ويصلحوا من أحزابهم من الداخل وإلا سينتهي دورهم .
وكيف تكون هذه الإسعافات السياسية ؟
التخلص من رفعت السعيد والسيد البدوي أول وأهم شيء، فقد ثبت للجميع وجود صفقات للتجمع مع النظام السابق منذ عام تسعين حتى الآن، كانت في مشاركاتهم في البرلمان مهزوزة جداً وضعيفة ولوقف تيار الإخوان، وهكذا كان حال الوفد الى حد كبير فقد كان يماليء النظام في الكثير من القرارات .
هل يمكن أن نرى تحالفات سياسية في الفترة القادمة بين أحزاب الذكريات القديمة هذه ؟
ليست تحالفات ولكن نوع من التحالفات، أما تحديدها فصعب لأن الرؤيا غير واضحة تماما
ولماذا ليست تحالفات كاملة؟
لان أمراضهم ستبقى لفترة طويلة كالتباعد والتناحر وغيرها من الأمراض.

هل ستشهد مصر نموذجا ديمقراطيا خاصا بها أم نقلا كربونيا لتجارب غربية؟
لا.... المصريون ليسوا في حاجة للنقل عن أحد لكن لا يمنع الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين فعلى الإخوان مثلا أن يستفادوا بشدة من التجربة التركية
كيف نخرج المواطن المصري من مجرد التعليق على القضايا السياسية الى الممارسة الحقيقية ؟
هذا أمر يتوقف على التربية السياسية الصحيحة من الصغر فوسائل التنشئة السياسية هي التي تلعب هذا الدور سواء في الأسرة أو مناهج التعليم ووسائلة أوالجامعات أوالمساجد أوالكنائس أو أحزاب سياسية أو نقابات مهنية فكل هذه الأشياء تجند الفرد تجنيدا سياسيا سليما حتى يستطيع الانغماس في تيار من التيارات السياسية الشرعية القائمة
في مصر أربع قوى سياسية رئيسية اليمين واليسار والليبراليون والقوميون هل نحن على اعتاب ظهور قوى خامسة للشباب؟
أكيد
وكيف سيكون شكلها؟
والله لا أفضل أن يتحول شباب الثورة الى حزب سياسي لأن ذلك سيصيبهم بأمراض الأحزاب المعتادة . وإذا لم يصيروا حزبا فهذا سيتوقف على شكل القوى السياسية التي ستكون موجودة، وكيف سيكون النظام الانتخابي الجديد وهل سيركز على القوائم المفتوحة أم ماذا.
هل ترى أن ينضموا للأحزاب القديمة؟
لا ... اتمنى ألا ينضموا للأحزاب القديمة إلا بعض الأحزاب التي أثبتت جديتها في الأيام الماضية كحزب الجبهة.
ستشهد الفترة القادمة أحزاب كثيرة فهل هذا مفيد للحياة السياسية المصرية؟
طبعا بشرط أن تكون احزاب شرعية حقيقة ويتوافق فيها شرطين أساسين ألا يكون لها ظهير ملشياتي وألا يدعوا أحدها لفتن طائفية، وسيكون الحكم على كل حزب بصناديق الانتخاب .
نريد أن نعرف من خبير حزبي وبرلماني مثلك مواصفات الحزب الناجح؟
المواصفات كثيرة منها أن يكون لديه مصدر تمويل بالإضافة إلى تمويل الدولة وليس النظام الحاكم، فلابد من تمويل مستقل لأن الدولة عاجزة عن تمويل كل الأحزاب ، لذا لابد أن يكون له مشاريع بجوار التبرعات والاشتراكات الداخلية. ثانيا: يكون له تنظيمات منتشرة في ربوع الجمهورية وتنعقد بشكل دوري ومستمر .ثالثا: أن يكون الحزب حرا في اتخاذ قراراته وأن تكون بشكل ديمقراطي وأن تنتخب قيادته بشكل ديمقراطي، وعدم تولي القيادة أكثر من مرتين في هيكله السياسي.أي أن كل ما ينادون به السلطة يصبح أمراً واقعا حقيقيا عندهم، أيضا ميزانية واضحة ومنشورة والفصل بين إدارة الحزب اليومية والجمعية العمومية .
كيف ترى المستقبل السياسي للإسلاميين ؟
لابد أن يعدلوا من أنفسهم فمسألة المرأة لابد أن يحلوها، ومسألة الأقباط ،وكذلك الفقهاء الذين يدخلون المجلس التشريعي ويتحدثون عن تحليل وتحريم لتشريعات المجلس فهذا كلام غاية في السلبية ولا يمكن قبوله ، عليهم أن يقتضوا بحزب العدالة والتنمية التركي .
كيف تلقيت إعلان الإخوان عن تكوين حزب ؟
من يريد إنشاء حزب مهما كان فلينشيء طالما أنه لا يحمل سلاح ولا يدعوا الى فتن طائفية فقط، سيقبل مهما كان توجهه حتى لو كان حزبا قبطياً.
لكن السياسيين في مصر لطالما رفضوا الأحزاب على أسس دينية؟
تتقبل أو لا تتقبل أهم شئ هذين الشرطين السابقين وان شا لله كل عشرة في مصر ينشئوا حزب لا توجد مشكلة والحكم في النهاية لصناديق الانتخاب .
اذن فالاسلاميون مدعوون للمشاركة ؟
طبعا اذا كان النظام السابق متمثلا في عمر سليمان دعاهم للمشاركة فهل يمنعهم أحد الآن.
هل هناك فرق في نظرك بين الاسلاميين سواء اخوان أو حزب وسط؟
لا فرق تقريبا، وإن كان وضع الوسط تراجع قليلا بعد نفوذ الإخوان في الفترة الأخيرة
كيف ترى مستقبل الاخوان في الحياة السياسية المصرية ؟
لابد أن يتجاوزوا كثير من العقبات ويكفوا عن تخويف الناس بالكلام عن الأقباط أو المرأة بشكل سلبي، وكذلك ألا يرشحوا أنفسهم في انتخابات الرئاسة، أو يرشحوا أنفسهم في كل دوائر مجلس الشعب فكل هذا تخويف، لأن التجربة مازالت حديثة.
كيف يكون الناس خائفون ويعطوهم كل هذا التأييد؟
لم يكن هذا تأييد بل كان غضب من الحزب الحاكم وردة فعل على أفعاله، وبما أن الحزب الحاكم زال فستجد أن تقييم الناس سيكون مختلفا وأكثر موضوعية وليس لأسباب انتقامية من السابقين.
وهل يمكن أن يقل هذا التأييد؟
الأيام هي التي ستحكم فالإخوان لهم مجهود اجتماعي كبير ومحمود في الدوائر الانتخابية.
ما رأيك في من لايزال مُصراً على انسحاب الإخوان من العمل السياسي إلى العمل الدعوي ؟
طبعا العمل الدعوي والاجتماعي هو الأساس وهو ما أكسب الإخوان أرضية وشعبية أكبر،وقد كنا نطلب منهم أن يبتعدوا عن الساحة السياسة لأن النظام كان يستعملهم كفزاعة الآن انتهى النظام السابق والكل مدعوا للمشاركة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق