الأربعاء، 16 مارس 2011

الحل هو الإسلام

إذا قلنا : إن الإسلام هو الحل ، فالحديث إذن عن مشكلات نبغي لها حلولاً ، لكن إذا تأملنا القرآن وتدبرناه لا نجد فيه حلولاً لمشكلات الإسكان أو المرور ، أو البطالة ،
لكن نجد. ومثال ذلك أن القرآن الكريم قرر الكرامة الإنسانية فقال تعالى : "ولقد كرمنا بني آدم" فهذا إطار عام نحن مكلفون بتحقيقه ، ومن مظاهر الكرامة الإنسانية أن يحيى الإنسان في مسكن مناسب ، وأن يجد ضروريات حياته من مأكل ومشرب وعلاج وتعليم ، فالإطار العام هو تحقيق مجتمع الكفاية والأمن ، فإذا وجدنا في المجتمع أناسًا يسكنون المقابر ، وجب علينا أن نبحث عن حل نقضي به على هذه المشكلة ، والقرآن الكريم ليس به هذا الحل ، فإذا وفقنا للحل ، نكون قد التزمنا الإطار العام الذي أمر به القرآن وهو الكرامة الإنسانية ، وتكون المنافسة بين السياسيين في هذا المجال بالبحث عن مقترحات وبرامج لحل المشكلة السكانية ، دون إضافة صفة الإسلامية على هذه المقترحات والحلول التي يمكن أن تنجح ويمكن أن تفشل . إن الإسلام أكبر وأجل من أن يطرح في السوق السياسي للتنافس عليه ، والدستور المصري جعل الإسلام إطارًا عامًا للدولة ، ولا يوجد في مصر حزب يطرح حلولا لمشكلات الواقع تتناقض مع جوهر الإسلام وحقائقه الكلية . إننا إذا وضعنا شعار الإسلام هو الحل على المحك الإسلامي والعقلي والواقعي لوجدناه شعارًا لا معنى له في الحقيقة ، ويصبح التمسك به من باب العناد السياسي أو إرضاء الجماهير بأي ثمن . وهنا نقطة هامة تجدر الإشارة إليها ، ألا وهي كيف يفهم حملة هذا الشعار شعارهم ؟ ، إن المدافعين عن هذا الشعار لا يفهمونه فهمًا واحدًا ، بل يوجد بينهم فهمان رئيسيان : الفريق الأول يظن أن الإسلام فعلا به حلول لكل مشكلات الدنيا ، فالمشكلة الاقتصادية مثلا حلها في الزكاة ، والقضاء على الربا ، ومشكلة المواصلات حلها في حديث مسلم : ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له . الفريق الثاني يفهم الشعار على أنه التمسك بالدين كقيم إيمانية ، وعبادات وشعائر كصلاة الجماعة والتراويح ، والإكثار من تلاوة القرآن ، وحل المشكلة الاقتصادية عند هؤلاء يكمن في قوله تعالى "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" ، هكذا بهذا الاختذال وينسى أن الصحابة وهم أفضل المسلمين ، أصابتهم المجاعة في عهد الخلافة العمرية الراشدة ، وتعرضوا للقحط وجاعوا ولم يكن للعبادات دور في حل هذه المشكلة. إذن عند مواجهة مشكلات الواقع ، نبحث عن الحل عند المختصين من العلماء ، أو في برامج الأحزاب ، أو ربما أستوردنا الحل من الخارج ، فإذا نجح الحل في إزالة المشكلة نكون قد وافقنا الإطار العام ونكون قد اتسقنا مع الفطرة الإنسانية . وهنا لا يجوز لأحد أن يصف مقترحاته لحل مشكلات الواقع بأنها الإسلام ، أو أن يضفي عليها قداسة دينية ، خصوصاً إذا كانت هذه المقترحات لم تطبق في الواقع ، وإذا طبقت فقد تنجح وقد تفشل . إذا نجح الحل الذي أبدعناه أو استوردناه ، أو وجدناه في برامج حزبية ،
أو دراسات جامعية ، نكون قد حققنا مراد الإسلام في الكرامة الإنسانية وفي العيش الهنيئ ، هنا يصبح الحل هو الإسلام ولا يكون الإسلام هو الحل ، وهذا منهج فيه من الوضوح والشفافية ما يرضي كل ذي لُب. إن شعار الإسلام هو الحل ليس فقط شعارًا ضبابيًا غامضًا ، بل إنه كلمة لا معنى لها ، ولم يستطع أحد أن يشرحه شرحًا مقنعًا يخاطب فيه العقول دون أن يدغدغ مشاعر الجماهير المتدينة . جاء في كتاب العقد الفريد أن أحد الكرماء المشهورين بالسخاء وكثرة الإنفاق ، عاتبه بعض جلسائه قائلا : لا خير في السرف ، فأجابه الكريم من فوره قائلا : لا سرف في الخير ، فقلب اللفظ واستوفى المعنى ، وحينما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : أنتم أعلم بأمور دنياكم لا يكون الإسلام هو الحل ، بل يكون الحل هو الإسلام
 في هذين المصدرين العظيمين إطارًا عامًا يرعى إنسانية الإنسان ، ويضع بعض الضوابط الأخلاقية ، ويأمرنا بمراعاتها في حياتنا

أو كيفية إدارة المطارات والموانئ ، أو كيفية ترميم الجسور ، أو سبل تشكيل النظام الإداري للدولة ، إذن لا حل لمشكلات الواقع في القرآن الكريم أو السنة النبوية ،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق