الخميس، 14 أبريل 2011

الحضارة الإسلامية والعدالة المجتمعية - ماجد مصطفي العقاد














إن الحياه المتميزة التي غرسها المسلمون في أسبانيا ، وإطلاعهم المعرفي الأكثر شمولية لفت إهتمام القارة الأوروبية، وجذب إنتباه العلماء ومفكري هذا الزمان؛ وفي بلاط
فردريك الثاني ملك صقليه ثم إمبراطور جيرماني مابين عام 1220 وعام 1250 م ، عمل بصوره مشتركة وتباحث وتجادل وتناظر مجموعة من العلماء المسيحين والمسلمين واليهود، والواقع أن مؤسسة الترجمة التي قامت في اسبانيا كثيراً مادمجت ووحدت بين ممثلي الديانات الثلاث . الأندلس


وكما كان الأمر في الخلافة العربية في القرن التاسع والعاشر للميلاد، فإن في الغرب أيضاً في القرن الثاني عشر والثالث عشر للميلاد نلاحظ أن جهود المترجمين ونشاطاتهم تجاوزت عمل الفلاسفة وعلماء الكلام ، فمن بين مئات المصنفات المهمة التي ترجمت في ذلك العصر من العربية إلى اللاتينية، فإن الأكثرية المطلقه شملت مؤلفات علمية وفلسفية وضعها علماء مسلمون، كنموذج لإسهامات الحضارة الإسلامية , في تطور وسمو الفكر والعلوم الإنسانيه للبشرية جمعاء .
وقد حظيت بتقدير عال مؤلفات علماء مسلمين معروفين جدآ في هذا الوقت مثل , الخوارزمي , والبتاني , والفرغاني, و الرازي , والكندي , والفارابي , وابن سينا , وابن رشد , كما تجدر الإشارة إلى أن أوربا في القرون الوسطي عرفت أبا حامد الغزالي من مؤلفه الشهير عند العلماء ( مقاصد الفلاسفة ) والممهد لعمله الأشهر (تهافت الفلاسفه ) ، والذي ألفه بهدف إظهار التهافت والتناقض الداخلي في آراء ونظريات ومبادئ الفلاسفة في محيطه وفي عصره الذي عاش فيه كما يقول
د اليكس جورافيسكي في كتابه (الإسلام والمسيحية) . مرجعية الحضارة الإسلامية :-
ارتبطت مصر بالحضارة الإسلامية وأثرت وتأثرت بكل ما تملك من تاريخ طويل , ومع إعتبارها صاحبة أقدم حكومة مركزية في التاريخ , وإرتباطها بحضارات كالحضارة الفرعونية والقبطية والإغريقية واليونانية, مما يعني أن مسلمي وأقباط هذه الأمة هم أبناء حضارة إسلامية واحدة أثمرت لنا دولة عريقة وشعب فريدة، وهي حضارة متجددة وشاملة تقبلت الحضارات وتقبلت معها ما لدى الآخرين
.
إن شمولية الحضارة الإسلامية تتبدى في العطاء الحضاري، والذي يشمل كل جوانب الحياة السياسية والأقتصادية والفكرية والإجتماعية والعلمية، كما أنه يتمتع بمرونه توافق كل عصر.
النظام السياسي علي سبيل المثال في الحضاره الإسلاميه يستمد عالميته من مدي صلاحيته للتطبيق في كل زمان ومكان، فجعل للعلماء القادرين على الإستنتاج وإستخراج الأحكام الحق في الإجتهاد و تفصيل الأحكام وتوضيحها بالشكل الذي يحقق الأهداف، ويدور في إطار أحكام الإسلام العامة والتي جاءت من خلال الآيات التي يختلف في تفسيرها او الأحاديث التي لم يتفق العلماء فيها علي معني واحد وهذا من حق العلماء القادرين علي الإجتهاد أن يبدوا الرأي فيها بما يحقق مصالح المجتمع مع المحافظه علي روح الشريعة وتحقيق مقاصدها التي جاءت لمصلحة الناس، كما إن العلاقه بين الفرد والمجتمع علاقه مشاركه يعترف فيها بالمسئولية الفرديه. مسئوليه كل فرد عن أفعاله ومسئوليته التضامنيه والتفاعليه مع المجتمع فيؤدي ماعليه تجاهه من خير يحمله اليه أو شر يدفعه عنه من خلال مبدأ المسئوليه الوطنيه .
كما إن أطر الحضارة الإسلامية الأخلاقية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية، كل منها يؤثر في الآخر ويتأثر به، فمثلاً بدون المبادئ الأخلاقية والرقابة المجتمعية لايؤدي النظام الأقتصادي دوره المنشود ، كما يصعب الوصول إلى مايدعو أليه من تعاون وتكافل بين الناس، كما يسهل تسرب الفساد الي النظام السياسي . العدلالإسلامي
وهذا يدفعنا للحديث عن العدل؛ والعدل هو مسئولية كبرى للحاكم وواجب من الواجبات المفروضه عليه، والأمة لها الحق في أن تحاسب الحاكم، ويشمل العدل كل الحقوق المتعلقه بالأرواح والأعراض والحريات والأموال لكل المواطنين.
ومن العدل أن يكون الناس أمام القانون سواء فلا فرق بين شريف ورجل من العامة، فالعدل يخضع له الجميع وهو أساس إستقرار النظم الحاكمه ، ومن أجل أن يتحقق فلابد له من قوة تحمية، والحضارة الإسلامية تحرص كل الحرص علي جعل القضاء مستقل عن كل سلطه حتي سلطه الحاكم .
في ظل العدل تختفي الجريمة وينصرف كل إنسان إلى عمله ليسهم في بناء مجتمعه وأمته ، وبالعدل يجني الإنسان ثمره عمله، وينطلق في ميادين التنافس الشريف في كل مكان .
والعدل يستتبعه حرية للآفراد والجماعات فلم تلزم الحضاره الإسلاميه أحد علي إعتناق فلسفه ما ولم ترغمه علي أن يعيش حياته وفق نظريه معينه، بل لكل فرد أن يفكر وأن يختار أسلوب حياته بشرط عدم التعدي علي حرية الآخرين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق