الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

إحياء منظومة القيم الأخلاقية حلول إســـلاميـة‏..‏ لمواجهـة الفســـاد

في ظل انتشار البطالة وندرة فرص العمل تتزايد مخاطر الفساد الاقتصادي‏,‏ وتستشري ظاهرة احتكار السلع والخدمات‏,‏ والتي باتت بحاجة لمواجهات ومعالجات فقهية وقانونية وأخلاقية

ذلك للتصدي لذلك الخطر الذي يتهدد كل خطط التنمية في مصر, ويعيق كل محاولات الإصلاح وينشر الفساد الأخلاقي بين كل فئات المجتمع.ويري علماء الدين أن الفساد مشكلة قديمة حديثة تهدد دائما البناء المجتمعي كله, وأن انتشاره بصورة مبالغة في المجتمعات الإسلامية أمر يسيء للإسلام وطالب علماء الدين بمواجهة شاملة للفساد الذي استشري في البلاد طوال عقود مضت, وذلك بنشر منظومة الأخلاق والقيم في المجتمع, والسعي نحو استرداد الأموال المنهوبة بجميع السبل, وتجفيف منابع الفساد وفرض المزيد من الرقابة علي كل المسئولين في جميع قطاعات الدولة. ويقول الدكتور سعد الدين الهلالي, أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر, إن رد الأموال المنهوبة طريقة سليمة لمواجهة الفساد, مدللا علي ذلك بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم: من غل شيئا( أخذه بغير حق), فليرده, فوقف رجل وقال يا رسول الله: قد غللت ثلاث دراهم, فقال له لما؟ قال كنت محتاج إليها, فقال يا فضل خذها منه., فدل علي أن أموال الفاسدين من طرق التطهير ردها إلي المال العام, يقول تعالي: ومن يغلل يأتي ما غل يوم القيامة. ويري أن التخلص من الفساد يكون أيضا بتجفيف منابع الفساد, بأن تمتد عين الرقابة إلي جميع تصرفات المسئولين في الدولة, في النظام الجديد حتي لا تسول نفس أي مسئول بأن يأخذ ما ليس من حقه, وفي نفس الوقت عندما يعلم أن هناك رقابة عليه, فلن يتهاون أو يتغاضي في محاسبة من يرأسهم, وأيضا للتربية والتهذيب منذ الصغر دورا كبيرا في التنفير من الفساد, يقول تعالي: ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد سورة البقرة آية205, فلابد من التنفير دينا وخلقا من الفساد كتربية ذاتية.
تدابير وقائية وزجرية

من جانبه يؤكد الدكتور أحمد كريمة, أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, أن الشريعة الإسلامية جعلت تدابير وقائية وتدابير زجرية, فالتدابير الوقائية تمنع الجرائم قبل وقوعها, والتدابير الزجرية تكون من باب قوله تعالي: اعتبروا يا أولي الأبصار, وتتمثل التدابير الوقائية في تفعيل الترغيب والترهيب كعمل دعوي تعليمي إعلامي بإشاعة طلب الحلال وتجنب الحرام,ولزوم الإصلاح والفرار عن الإفساد, سواء هذه الثقافة في البيت أو المؤسسات التعليمية أو دور العبادة أو الوسائل الإعلامية بانواعها, ومن أمثلة ذلك حشد الأدلة الشرعية القاضية بتجريم الدماء والأموال والأعراض, فيما يعرف بالمصالح الضرورية, وضرب الأمثلة والشواهد من كتاب الله تعالي وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم.
أما التدابير الزجرية فهي تغليظ العقوبات الرادعة وتقنينها في التشريعات الموجودة الآن, لأن كثيرا من المخالفات تكيف وتصنف علي أنها جنح وتكون العقوبات غير رادعة, وقد يحكم فيها مع إيقاف التنفيذ, فمن هنا يجب الجمع مابين التدابير الوقائية والزجرية, ويضاف إلي ذلك ضرورة حسن الانتقاء لقيادات في مؤسسات ذات علاقة بالأموال علي وجه الخصوص, أما فيما يتعلق بصيانة الوطن وحمايته من العنف المسلح فيجب تفعيل ثقافة إحسان الظن والتماس العذر, وتجنب التكفير والبعد عن التنابذ بالألقاب وتغليظ العقوبات الزجرية,بتنفيذ حد الحرابة, يقول تعالي: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم, فبهذه الوسائل المحكمة إن لم يقض علي الفساد فعلي الأقل تخفيفه وتقليله وتحجيمه.
التدرج في المواجهة
من جانبه أوضح الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر أن النهي في الإسلام عن الفساد لم يأت مرة واحدة وإنما من خلال منهج متدرج, حتي يربي الناس علي الصلاح, وعلي حب الفضيلة, وبغض الرذيلة, كما أن العقوبات في الإسلام خاصة الحدود كان الغرض الأساسي منها الردع,فيكفي أن تقطع يد واحدة فقط, فلن تقطع يد أخري أو يقدم الناس علي السرقة,وسيعيدون التفكير قبل الإقدام علي ذلك, ويصبح ذلك ردع للسارق والمجتمع بأكمله, ولكن قبل إقامة الحدود ينبغي توفير حد الكفاية والمتمثل في توفير المتطلبات الأساسية والضرورية في الحياة من مسكن وتعليم ووظيفة وعلاج. ويضيف أن أول وسيلة لمكافحة الفساد هي التربية, فيجب إعادة تربية النشء في البيت والمدرسة علي القيم الدينية, فلا يوجد دين يشجع الناس علي أي نوع من أنواع الفساد, ومن الضروري عودة مقرر التربية الدينية كمقرر رئيسي يدخل في المجموع منذ سنوات الدراسة الأولي, إلي جانب الخطاب الإسلامي في المساجد وأجهزة الإعلام,وأيضا عن طريق الأجهزة الرقابية, فيجب علي كل مواطن يملك سلطة ونفوذا ان يكون مراقبا وقابلا للعقاب, فلا يوجد أحد معصوم, فالعصمة للأنبياء فقط, كما يجب أن تكون التشريعات قوية لتؤدي إلي ضمان عدم الإنحراف مثل جهاز الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات, فيجب مراقبة تصرفات الجميع بلا استثناء ابتداء من رئيس الجمهورية إلي الوزراء والمحافظين وجميع المسئولين, مع ضرورة أن تكون العقوبات سريعة وحاسمة, فلا نكتفي بعزله فقط من منصبه,فلابد إلي جانب العزل فرض عقوبات أخري مثل السجن ورد الأموال في حالة اختلاسها, كما يؤيد أهمية المصالحة مع السارقين فما الذي يفيدنا إذا سجن شخص معه مليارات من الجنيهات, ولكن في حالة ردها كلها أو جزء كبير منها في سبيل الإفراج عنه فهذا سيعود بالفائدة علي بلدنا خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي نمر بها.ش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق