الجمعة، 2 ديسمبر 2011

من علماء الإسلام إلي أبناء الوطن‏: ‏إياكم و الفرقة

إذا كان الإسلام قد شدد في كثير من تعاليمه علي الأخوة ووحدة الصف والجماعة‏,‏ ونهي عن الخلاف والفرقة وشق العصا‏.. فلماذا علت في الفترات الأخيرة صيحات الفرقة في صفوف المسلمين.
وتشتت جمعهم فصاروا شيعا وأحزابا وجماعات, حتي ندر الاتفاق داخل الجماعة الواحدة أو الفصيل الواحد, بل وداخل الأسرة الواحدة!
والغريب أنه في الوقت الذي فرط فيه المسلمون في وحدتهم, نجد الدول التي تدين بغير الإسلام تنجح في تكوين اتحادات وتكتلات تحفظ بها هيبتها وتصنع لها تقدمها, وباتت وحدة المسلمين مجرد أمل ينظر إليه الجميع دون العمل علي تحقيقه.


وبالرغم من انفجار ثورات الربيع العربي التي انطلقت في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن, لتجدد الأمل في وحدة الصف العربي والمسلم بدءا من وحدة الشعوب والدول.. غير أن ما عانته بلادنا الحبيبة في الأيام الأخيرة من انشقاقات واختلافات بين الأحزاب والائتلافات, واحتجاجات مبررة وغير مبررة.. بعث هاجسا من القلق علي مصير تلك البلاد بعد ما حققته ثوراتها من إنجاز تاريخي.
وفي تلك الظروف التاريخية الحرجة أطلق علماء الدين صيحة تحذير وتذكير, تحذير من الفرقة, وتذكير بالوحدة, وأكدوا ضرورة الالتزام بوصية النبي صلي الله عليه وسلم لنا أيها الناس عليكم
بالجماعة وإياكم والفرقة.
المتابع لحال الوطن حاليا يجد الإسلاميين متفرقين بين جماعات وطرق متعددة, والسياسيين منقسمين إلي أحزاب وحركات وائتلافات وكل في واد, حتي الرياضيين مشتتين بين أندية لا تعد وبينهم اختلاف قد يصل إلي حد التعصب الأعمي, والشباب والفتيات يمشون في الشوارع بغير بوصلة تهديهم, حتي أصبحت كل فئة من فئات المجتمع تسير في طريق, ونسوا جميعا وصية الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم, وتناسوا أن الاتحاد قوة, والفرقة ضعف, ولا مفر من العودة إلي السنن النبوية, التي تجمعنا ولا تفرقنا, تقوينا ولا تضعفنا, حتي ننهض ببلادنا قبل فوات الأوان.
عوامل الفرقة
في البداية يشير الدكتور نبيل السمالوطي- أستاذ الاجتماع وعميد كلية الدراسات الإنسانية الأسبق- إلي أن هناك عوامل عديدة أدت إلي تفكك المجتمع, منها الابتعاد عن منهج الله في الإدارة, والقهر والاستبداد في الحكم, وتغليب المصالح الخاصة علي المصالح العامة والانفراد بالسلطة دون إعمال لمنهج الشوري, وأيضا التمييز بين الناس علي أساس القبيلة أو علي أساس العرق, أو التمييز علي أساس العقائد الدينية, وأيضا التمييز علي أساس إقليمي( جنوب شمال), فكل أنواع التمييز تؤدي إلي الفساد السياسي والاجتماعي والأخلاقي.
وأضاف أنه من تلك العوامل أيضا إهمال الفرائض والتوجيهات الإسلامية خاصة في الجانب الاجتماعي, ومنها العزوف عن إخراج الزكاة وعدم القيام بواجبات التكافل الاجتماعي, وتراجع الصدقات والإحسان إلي المحتاجين والفقراء والأرامل والأيتام, كذلك تراجع الوقف الخيري في سبيل الله نتيجة لعوامل إدارية أفسدت توسعات الوقف الخيري, يضاف إلي ذلك كثرة الاحتكار والرشوة والمحسوبية والوساطة وعدم تقدير الناس علي أساس الكفاية والاعتماد علي أهل الثقة دون الخبرة, وأيضا تراجع المنظومة التعليمية والبحثية والتي أدت إلي تراجع المجتمع ككل.
العدل بين الناس
ويتفق مع الطرح السابق الدكتور محمد المختار المهدي ـــ الرئيس العام للجمعية الشرعية وعضو مجمع البحوث الإسلامية ـــ ويضيف أن الظلم في توزيع الثروة بين أفراد المجتمع وعدم تطبيق مبدأ العدل بين الناس يسبب تفكيك المجتمع, حيث يقول المولي عز وجللقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ومن هذا نعلم أن الله ما أرسل الرسل وما أنزل الكتاب إلا لتحقيق العدل بين البشر, ولقد وجه الله الرسل إلي حماية هذا العدل, ومع هذا أيضا جاء الأمرالإلهي حاسما في قوله تعالي إن الله يأمر بالعدل والإحسان ويقول تعالي وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا( سورة النساء: الآية58), كما أن الله أمر بإقامة العدل حتي مع الأعداء مهما ثقل العداء فقال تعالي ولا يجرمنكم شنئان قوم علي ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوي وقد نفذ النبي عليه الصلاة والسلام هذه الأوامر تنفيذا مثاليا لدرجة أنه أنصف يهوديا علي مسلم من أجل تحقيق العدالة.
آداب الاختلاف
ويوضح الدكتور عبد الحي عزب- عميد كلية الدراسات الإسلامية ببني سويف- أن الخلاف يؤدي إلي تقدم المجتمع إذا كان نابعا من الفكر الإسلامي المستنير المبني علي الاجتهاد, والمتأصل بأسس التشريع الحكيم, ومثال ذلك الخلاف بين الفقهاء الذي ينتج عنه خلاف في الفتوي, وهذا الخلاف الفقهي أو الخلاف في الفتوي إنما يؤدي إلي نمو الحياة الاجتماعية وليس إلي تعقيدها, فالخلاف في الفقه لا يفسد للفقه قضية, بل إن تعدد المذاهب وتعدد الآراء وتعدد الخلافات في الفتوي يتيح الفرصة أمام الجميع من أفراد المجتمع بأن يختار من الآراء ما يتناسب مع حال الزمان وحال المكان, فاختلاف الفقهاء رحمة للأمة وقديما قال العلماء ولا ينكر المختلف فيه وهذه مقولة تعتبر قاعدة شرعية.
ويؤكد الدكتور العزب أنه من هذا المنطلق إذا كان هناك أمر محل اختلاف وأخذ البعض برأي, وأخذ الآخر بالرأي المختلف, فلا إنكار من أحد علي أحد, لأن الكل علي صواب, لأنه قد خرج من اجتهاد, والمجتهد مصيبب في كلا الأمرين, ولا إثم ولا خطأ علي المقلد. لذا- والكلام للدكتور عزب- أدعو أبناء المجتمع من خلال هذه السطور بعدم الانشغال بالخلافات, ويجب عليهم ألا ينساقوا وراء الدعوات والآراء التي تفرق وتشكك في العلماء والفقهاء, ويجب عليهم أن يتأدبوا بأدب العلماء الأوائل في الفكر والرأي, فكان الفقيه قديما يقول رأيي صواب ويقبل الخطأ, ورأي غيري خطأ ويقبل الصواب هذا ما ينبغي أن تكون عليه أخلاق المجتمع.
فالمولي تبارك وتعالي أمر المسلمين بالوحدة والتعاون حيث قال تعالي واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ومن هنا يتحقق لهذا المجتمع من المبادئ والعوامل ما يجمعه ولا يفرقه ويعصمه من الخطأ والضلالة, فيما لو أخلصت النوايا لرب العالمين وانتبهت إلي الهدف الأسمي وهو وحدة كلمة المجتمع, ومن هنا علينا جميعا ألا ننساق وراء النفس والهوي, ونلقي بأنفسنا إلي التهلكة بالخلافات والنزاعات بين العامة وحتي التي تحدث بين العلماء.
دور الإعلام
ويؤكد الدكتور أحمد كريمة- أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- أن المقاصد الإسلامية غائبة في العمل الإعلامي, وأن معظم وسائل الاتصالات المعاصرة المرئية والمسموعة والمقروءة, تهدف إلي خدمة مذهب معين أو اتجاه فردي, ولا تخدم المجتمع نفسه ومن هنا شاعت المذهبية والعصبية علي حساب الأهداف العامة للمجتمع. وذلك نتيجة وجود أشباه المتعلمين ممن لا يملكون الخبرة العلمية التي تنهض بالمجتمع, ونشاهد هذه الأيام ما يعرض في الفضائيات والمواقع الإلكترونية, والذي يعتبر بعيدا كل البعد عن فقه الواقع وفقه الأولويات والمصالح, ويقدم للأسف غيبيات وإهمال عالم الواقع, وهذا الإعلام القاصر تعود إثاره السلبية علي الثقافة الإسلامية, فالمتلقي حائر وشارد بين السلفيين والإخوان والشيعة والصوفية.. إلي آخره, ومن ثم يجب توحيد الإعلام بصفة عامة, والديني بصفة خاصة تحت مرجعية واحدة وهي الأزهر الشريف, مع وضع خطة إعلامية يقوم عليها متخصصون أكاديميون وتربويون وإعلاميون. فقد قال الله عز وجل ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين فتصحيح وترشيد العمل الإعلامي خاصة الديني يعتبر من الأولويات, إذا أردنا الإصلاح الحقيقي في المجتمع.
حرمة التنازع والتفرق
وعن حرمة التنازع والفرقة في المجتمع يؤكد الدكتور رأفت عثمان- أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر وعضو مجمعي البحوث الإسلامية وفقهاء الشريعة بأمريكا- أنه من الأمور التي لا تقبل الجدل أن الشريعة الإسلامية وكل الشرائع الإلهية تدعو إلي الألفة والأخوة والاتفاق وحرمة التنازع والتفرق, وهذا في صريح قول الله عز وجل ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأيضا قوله تعالي واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ويوضح هذا النص القرآني أن الله عز وجل قد امتن علي المسلمين في عصر رسول الله صلي الله عليه وسلم وهي منة.. تسري علي كل العصور ومن الواضح أن الامتنان من الله عز وجل بأي نعمة من نعمه علي الإنسان فأن هذا يفيد أن ضد هذه النعمة هو نقمة علي البشر, والتاريخ يبين أن الأمم تضعف والدولة تتمزق بل وتنمحي إذا تمكنت الفرقة منها, وأصبحت الاتجاهات فيها متضاربة, كل اتجاه يعمل لمصلحة نفسه, ولو أضر بالآخرين.
ولعل من الأمثلة الظاهرة علي هذا, اضمحلال دولة المسلمين في الأندلس, فهذه الدولة التي امتدت قرونا طويلة وبلغت ثمانية قرون, عندما دب الشقاق بين حكامها, واستفحل ذلك الأمر كان نهايتهم جميعا حكاما ومحكومين علي يد أعدائهم, والمصلحة تقضي أن يرتفع مستوي الحوار وكل فريق يبين وجهات نظره في سياسة الدولة, لكن بصورة لا تدعو إلي التنازع والاختلاف المؤدي إلي ضعف الأمة, وتفتيت قوتها ووحدتها, كما يجب أن يبعد كل فصيل سياسي نفسه عن صفة الأنانية وحب الذات, وأن يكون حبنا جميعا لله ثم للوطن, ولا يحتاج الأمر إلي تأكيد أن الالتحام بين كل الفصائل السياسية علي هدف واحد هو خدمة مصر يعد سببا للقوة التي هي مطلوبة في كل عصر, فلا مكان للضعفاء في أي عصر من العصور, وخاصة العصر الذي نعيش فيه, وليس أدل علي ذلك من الوقائع التاريخية التي تبين أن الدولة تتفتت عندما يدب الخلاف بين قادتها, ولا يتفقون علي اتجاه ثابت لدولتهم, ويتلخص هذا في أن الدين والواقع التاريخي والعقل كلها أمور تدعو إلي اتحاد الهدف فيخدم كل منا مصر, وليتخذ له منهجا فكريا متوائما مع مناهج الآخرين ليكون الهدف الوحيد في النهاية هو قوة مصر ورفعة شأنها.
طرق وأد الفرقة
وحول الطريق أو الخطوات التي يمكن من خلالها جمع صف المجتمع المصري يقول الدكتور محمد الشحات الجندي ــ عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة حلوان: إن التاريخ أثبت أن في وحدة الأمة العصمة لدينها ولعزتها ولرفعتها بين الأمم, وأن في تفرقها وتشتيت كلمتها عنوان هزيمتها وفشلها, ولذلك فإن الشأن في الأمة التي تعتصم بهويتها حقا أن تستمسك بعناصر قوتها ومصدر بعث حضارتها وريادتها بين الأمم, وهذا هو المأمول من مصر وأهل مصر بعد الثورة المباركة في25 يناير الماضي, التي توحد فيها شعب مصر علي قلب رجل واحد, فاستطاع أن يتخلص من الفساد ونهب المال العام, لكن هذه البشارة الطيبة بهذا البعث الحضاري للأمة المصرية, والذي كان مصدر الهام لدول عربية أخري سرعان ما تفرقت به السبل, عندما تطلع كل فصيل إلي مطامع آنية وطموحات شخصية أو حزبية, فتفرقت بهم السبل علي نحو ما نشاهده جليا في ربوع البلاد هنا وهناك, حيث تناسي هذا الجمع الذي يتطلع إليه العالم كله في بداية نهضة علي وشك أن تتحقق, اذا اجتمعت الأفئدة واستقامت الضمائر واخلص كل فريق أو فصيل لدينه ولوطنه ولأمته, وارتضي صالح هذا البلد الذي هو بالقطع صالح الأمة العربية والإسلامية كلها, من أقصاها إلي أقصاها, شريطة أن يلتقي الجميع علي وحدة الهدف, واليقين بأن صالح كل شخص إنما هو من صالح هذا الوطن, وأنه لابد للعقلاء الذين آمنوا بقضية الإصلاح والنهضة أن يتناسوا خلافاتهم, وأن يتنازل كل منهم عن التطلعات الأنانية الضيقة, التي تحول دون وحدة الصف وجمع الكلمة, وأن يتحاكم الجميع إلي الحوار الذي يجمع ولا يفرق, وأن يضع كل منهم نصب عينيه مصالح الكثرة لا مصالح القلة, وأن يتوحد الجميع من خلال الحوار الحضاري الذي يحدد الأولويات التي تلزمها هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن, وأن يتوافق الجميع كل في موقعه( القوي الوطنية- والأحزاب السياسية- والأغلبية الصامتة- والحكومة- والمجلس الأعلي للقوات المسلحة) علي أولوية وأد الفتنة, وتوفير الأمن والأمان, والقضاء علي الانفلات الأمني الذي يهدد الناس في أرزاقهم ومصالحهم ويقف عقبة كئودا في سبيل الحصول علي مقومات الحياة الضرورية, وان يلتف الجميع نحو ما يؤدي إلي تماسك الأمة وإنجاح مرحلة الانتخابات للمجالس النيابية والانتقال السلمي إلي حكم مدني يحقق مصلحة البلاد وينطلق علي طريق الإنتاج والتنمية.
ويؤكد الدكتور الشحات الجندي أنه: بغير سلوك الوحدة علي الهدف والغاية, فإن البديل سيكون مدمرا وسيؤدي إلي إجهاض كل الجهود التي بذلها المخلصون من أبناء هذا الوطن, وسيعطون الفرصة للأعداء من الداخل- الذين يقفون بالمرصاد- لمنع تحقيق الثورة لأهدافها النبيلة المتمثلة في الحرية والكرامة والعدل والديمقراطية, وهذا المسلك يريده أعداء هذا الوطن الذين يستخدمون كل السبل لوأد هذا البعث للأمة المصرية حتي لا تقوم لها قائمة, ويتأكد ذلك فيما يفعله الأعداء في الداخل والخارج من تعميق الفرقة والانقسام الذي إذا لم تقف الأمة بأبنائها المخلصين وجموعها الأبية كل في مكانه وحسب قدرته واستطاعته ضد هذا المخطط, فإن الأمة كلها ستكون آثمة ومذنبة في حق دينها وفي حق وطنها, ويوشك أن يقع مسلكها هذا تحت قوله تعالي: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ وهو ما يوجب علي الحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة أن تضرب بيد من حديد علي دعاة الفرقة الساعين لإفساد الوطن, والحيلولة دون وقوفه والانطلاق به علي درب النهضة والإصلاح كما نبه إلي ذلك حديث الرسول صلي الله عليه وسلم من أتاكم وأمركم جميعا علي قلب رجل واحد يوشك أن يفرق جماعتكم أو يشق عصاكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان, وهذا يقتضي الحسم في التعامل مع ظواهر الفرقة والانقسام والمبادرة إلي اتخاذ الترتيبات والآليات التي تحول بين هؤلاء المفسدين وبين بلوغ مآربهم وتحقيق إطماعهم, وألا يكون التصرف بعد فوات الأوان وبعد وقوع الحدث أو الكارثة لان المبادأة مطلوبة شرعا لقوله تعالي واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وما لم يقم كل مسئول وكل فرد في هذا الوطن بمسئوليته في وأد الفرقة وإرساء الأمن والسعي نحو التوحد, فإن الأمة كلها ستكون قد فرطت في الأمانة التي ائتمنها الله عليها, وسيكون سبيل هذا الجيل الخزي أمام الأجيال الأخري, حيث إنه لم يقم بواجبه في لم الشمل والحفاظ علي الوحدة وجمع الصف وسيكون مسار سخرية العالم, حيث لم يكن قادرا ولا مؤهلا لأن يصلح من شأن الأمة وان ينطلق بها إلي أفاق الوحدة والنهضة والإصلاح.
المسلمون جسد واحد
ويوضح الدكتور محمد عبد العليم العدوي- أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر- أن المتأمل في أسس الدين الإسلامي ومبادئه يري دعوته إلي التعارف والتآلف والتعاون والاتحاد وحث الناس علي أن يكونوا كالجسد الواحد, من ذلك قوله تعالي إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون وقوله صلي الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكي فيه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي, وهذا يدل علي أن الفرد جزء لا ينفصل عن كيان الأمة, فهو طوعا أو كرها يأخذ نصيبا مما يتوزع علي الجسد من غذاء ونمو وشعور, وقد جاء الخطاب الإلهي في القرآن الكريم موضحا ذلك, فلم يتجه للفرد وحده بالأمر والنهي, إنما تناول الجماعة كلها, لهذا نري دائما النداء يا أيها الذين آمنوا, كما اعتبر الأمة أمة واحدة فقال سبحانه إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وهذا يدل علي أن تقارب القلوب والمشاعر واتحاد الغايات والمناهج من تعاليم الإسلام. وأن توحيد الصفوف واجتماع الكلمة, هما الدعامة الوطيدة لبقاء المجتمع, ودوام ونجاح رسالته, وأن وحدة المجتمع تحقق له نهضته وعزته. كما دعا الإسلام إلي الاعتصام بحبل الله ونهي عن الفرقة والاختلاف, لأنهما يضعفان المجتمع القوي, لذلك قال الله تعالي ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين وأيضا قال تعالي ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الله يرضي لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال كما قال صلي الله عليه وسلم عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد, ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ومن سرته حسنته وساءته سيئته فذالكم المؤمن. وقال صلي الله عليه وسلم عليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق